السبت، 14 مايو 2011

بين هذه و تلك

فى تلك القاعة المليئة بالعشاق يجلسان متقابلين فى ذلك الركن الهادىء .. لطالما كره الاماكن المزدحمة بمن يسترق السمع اليهما أو يسترق النظر اليها متأملا جمالها أحيانا حاسدا له على وجوده معها و أحيانا أخرى متلصصا على مفاتنها و انوثتها .. يكره وجود أحد غيرها معه عندما يتحدث ، لا يريد لأحد أن يسترق نظرة اليها أو يختلس كلماته اليها و يقتحم حالتهما ..

اسند ظهره الى الوراء و ارتخى فى جلسته ناظرا اليها و متأملا شعرها الذى يداعبه النسيم فيطير فرحا ليقع على عينيها فتترك هى فنجان الشاى من يدها و ترفع رأسها قليلا فى دلال و تتحرك اصابعها الصغيرة و كفها الناعم ليبعد خصلة الشعر التى غطت عينيها الى مكانها ، يبتسم و يمد يده اليها ليمسك بكفها الصغير و يقبله فى حنان .. يشعر معها أنه أب حنون و انها صغيرته التى يعلمها مبادىء الاشياء .. ينضب وجهها خجلا بالدماء و تتلفت متشاغلة عن النظر الى عينى متلاهية بشرب الشاى و تأمل الحضور و لكن طرف عينيها مازال يلمحه و فيه نظرة تشى بكل ما لم تقله له ..

نعم انه سعيد بها و معها ، سعيد بوجودها بجانبه فى تلك اللحظة و سعيد بتجربتها و بتذوق رحيقها الأخاذ البكر العذرى ..

لونها جديد لم يمسه من قبل و لم يعهده ، كلامها الصغير ، جنونها الطفولى ، رغبتها المراهقة العفية ..

انطلاقها على الحياة و تذوقها و تفتحها كزهرة ربيع طال انتظاره ..

هى مثال حى على الأوائل ، على البدايات .. هى بداية كل شىء ، عفى .. قوى .. ملتهب ، متوهج ، متأجج بالرغبة فى اكتشاف قدراتها على الجذب .. على جذب مجرة الرجال لتصبح هى شمسها التى يدورون فى فلكها .. هو مصر أن يجلعها نجمته هو و شمسه هو ، و هى كعادة البدايات لا تستطيع أن تمنع نفسها بالفرح من كواكب الرجال تدور فى فلكها ، و كعادة كل انثى تعرف انها رائعة لا تقترب كثيرا و انما تحتفظ بتلك المسافات المتفاوتة التى ما ان تبعد حتى تسارع بارسال تلك الاشارات التى تجذب من يصيبه الملل مرة أخرى ليعود اليه أمل الوصول حتى و ان كان متأخرا .. يستفزه احساسه بأنه أحد كواكب كثيرة تسعى اليها و يستفزه أنه رغم علمه بأن فرصه أكبر الا أنه يظل فرصة من الفرص .. يستفزه فيها هذا العناد .. تجربة البدايات أخبرتها أن الكل فى النهاية يعود و علمها أن تتغطرس فهى الملكة التى يسعى اليها الجميع و هى الانثى التى يشتهيها الكل ولا يجب أن تشتهى أحد ، فقد خبرت أنها من تعطيه مراده لن تصبح شمسه بعدها فالشمس تظل شمسا ما دمت بعيدا عنها تتمتع بدفئها ولا تقتحم لهبها .. هكذا يعتقد أنها تفكر و هكذا يتعامل معها ككوكب عنيد لا يقترب الا بقدر ولا يبتعد الا ليجبرها على ارسال اشارة جديدة ترضى كبرياءه فيعود أقرب مما كان ..

رغما عنه يتذكر تلك التى كانت قبلها ، رغما عنه مازالت تحتل تلك البقعة الغائرة فى قلبه .. لا يستطيع أن يمنع نفسه فى هذه اللحظة من فرض تلك المقارنة التى يكرهها ، المقارنة بين هذه و تلك .. بين الماضى و الحاضر .. بين عهد ولى مازال يطل برأسه عليه كل يوم و بين حاضر شغله و لكنه لم يستطع محو تلك النقطة التى تلمع كلما رآها و حدثها ، و بين حاضر لا يعلم مستقبله بعد أتخضع الشمس للقمر قابلة أن تمده هو وحده بالنور ؟ أم تصر على اهانته و توزع ضوءها بين الكواكب ؟؟

هذا الغموض يستفزه و هذا الماضى يضغط عليه فى كل مرة فيحاول اقناع نفسه بأنه قد ولى الى غير رجعة ، و لكن ما ان يسمع صوتها حتى يعود بثقله على انفاسه ملوحا له بأن يعود مرة أخرى و أن يذهب ليقبل جبينها كما عودها و ينسى ما فات ، لا يمنعه الا ذلك الكبرياء الذى اصرت على كسره و اهانته فصنع ذلك الحاجز النفسى الذى فصل بينه و بينها فلم يعد قادرا على تدليلها ولا على رؤيتها كأجمل نساء العالم كما اعتاد فلا يدرى أكذبا يوهمه عقله بأن تلك الموجودة الآن ليست هى من عشقها و عاش معها سنينا يدور فى فلكها و يوهمه بأنها كائن آخر ليست جميلة كما اعتقد و لكنها امرأة عادية .. أم ان حبه لها كان يصورها كإلهة جمال و عندما اصطدم بالواقع رآها على طبيعته اامرأة كغيرها لا يفرقها عن غيرها الا تلك البقعة التى تضىء فى قلبه كلما سمع صوتها ؟!

يكره أن يقارن انثى بأخرى .. فكل مؤنث فى الكون متفردا عن غيره .. كل امرأة هى عالم مختلف .. كل انثى هى كيان و بناء ، بل ان كل جزء من الانثى هو مجرة سماوية مختلفة تحمل تفصيلات و رغبات و احلام و تثير حواس مختلفة .. كل انثى تثيرك بطريقتها ، كل امرأة تستفز رجولتك باسلوبها .. كل نظرة تختلف عن سابقتها ، تهدم أزمنة و تعبر بك ليال و تضرم فيك مشاعر جديدة لم تكن تعلم أنها موجودة .. و لكنه رغم ذلك وجد نفسه يتخلى مرغما عن مبدأه هذا و وجد عقله و قلبه قد اجتمعا على عقد المقارنة الغير مرغوبة ..

امرأتان مختلفتان .. واحدة تثيرك بانوثتها و إيحاءاتها و ضعفها ، و أخرى تثيرك بقوتها و حضورها الأخاذ و نديتها ..

تلك التى كانت هنا ، امرأة مختلفة تماما لم يتوقع يوما أن يعشق مثلها .. تخيل محبوبته قديما أن تكون هادئة خانعة بريئة تبكى عندما يغضبها ، تضحك مجلجلة كالأطفال من أصغر المواقف .. أنثى رقيقة لا تعرف الا مايعلمها اياه هو ، أنثى لم تخرج بعد من طور الطفولة لا تعرف عن الحياة الا ما تخبره معه وما تعيشه به ..

هكذا كان خياله الطفولى يتصور هذه المعشوقة التى سيجدها عندما يكبر و يخرج للبحث عنها .. و لكن أترى كل ما نحلم به هو حقا ما يؤثر فينا و هو حقا ما نريده ؟

لطالما اقتنع بأنه من المستحيل أن يعشق انثى تعانده ، انثى تصارعه القيادة ، انثى تستطيع أن تحيا وحيدة .. و لكن يالسخرية الحياة ، انه كان يصفها بأنها هى المستحيل ..

تلك التى كانت هنا هى العناد متجسدا فى امرأة ، هى الاستقلالية متمثلة فى جسد رقيق نحيل .. هى دهاء أنثى عندما يضاف اليه الجرأة فتخرج تركيبة غريبة لن تراها كثيرا أو لن تراها الا فيها ..

قد تجد امرأة معاندة و أخرى مستقلة فى حياتها و فكرها و أخرى جريئة و أخرى تمتلك الدهاء الفطرى عند المرأة ، و لكن أن تجد كل هذا واضحا جليا مجتمعا فى جسد واحد و فى روح واحدة .. لا عجب إن قلت أن طبعها كان اقرب لطبع الرجال ولا عجب ان قلت لك أننى اكره الانثى المتشبهة بالرجال فى قسوتهم و طبعهم و عنادهم و جرأتهم .. و لكن هذه ضربة أخرى ..

تلك التى كانت هنا هى انثى تعرف كيف تقود الرجال ، تعرف كيق تسيطر دون أن تجلس فى المقدمة .. تعرف كيف تدير دون أن تكون على كرسى القيادة .. تعرف كيف تحرك دمى الرجال دون أن تمسك بخيط .. تعرف كيف تجذبك دون أن تشعر ..

معها تشعر بمنتهى الحرية و لكنك تكتشف انها حريتها هى و ليست حريتك ، هى من تمنحك الحرية و هى من تنزعها ، لم أعرف حتى الآن كيف تصنع لشخص حريته على مقدارك أنت ، هى صنعت حريتى على مقدارها هى و كأنها صنعت لى ذلك المبنى الاسطورى الذى لا يصدك فيه نهاية أو جدار رغم أنه لا تتعدى مساحته بضعة أمتار .. فكأنها صنعت ذلك السلم المسحور الذى ليس له نهاية الذى ما ان تصعد الى نهايته حتى تكتشف انك مازلت على السلمة الأولى .. معها تدور فى دوائر مفرغة ليس لها نهاية و لا تعرف متى كانت بدايتها الا أنك تشعر دائما بأنك قريب و لكنك لا تدرى تماما متى الوصول و أين المحطة الاخيرة ..

نعم انها تشبه الرجال .. و لكنها ابدا ليست رجلا ، انها انثى .. و انثى قوية متكاملة تلوح لك فى لحظات سخطك و غضبك من عدم الوصول ، تجد انوثتها تغريك .. تجد رقتها الفطرية تظهر لتضمر فيك وقود الاستمرار .. رقيقة و قاسية .. مسيطرة و خاضعة .. رجل و انثى .. امرأة ناضجة فى لحظات الألم ، و فتاة مراهقة فى لحظات الحب ، ثيب خبرت احاسيس الحب و جرأة اللقاء أحيانا ، و بكر خجولة يكتسى وجهها دما من كلمة غزل

هى نهايات الاشياء ، هى الشىء و ضده فى نفس الوقت .. هى اللقاء و الفراق يلوحان من عينيها فى لحظة واحدة .. هى الامل و الضيق من الأمل فى آن .. عيناها تشى ولا تخبر .. تلوح ولا تعبر .. كيف لأنثى أن تقنعك أنك الحبيب و القريب و الأول و الأخير دون أن تنطق بكلمة ؟! كيف لأنثى أن تخبرك بأنها لك دون أن تؤخذ عليها وعدا ملموسا مسموعا ؟!

أنثى تشغلك بها لدرجة ألا تراها .. تشغلك بعنادها عن انوثتها ، و تشغلك بنديتها عن حبها لك ، و تشغلك بالحاضر عن القادم ، تجبرك أن تحيا هذه اللحظة لأنك لا تدرى أين ستصبح بعد لحظات أنثى لا تراها و إنما تشعر بها .. كيف لرجل ألا يعرف شكل حبيبته ؟؟ كيف لرجل الا يدرس جسد من أحب ؟؟ كيف لرجل أن يشغل بالمحسوس عن الملموس ؟؟ كيف لرجل ألا يفكر فى جغرافيا امرأته و ينشغل عنها بكيميائها ؟! كيف لرجل عندما يتذكر حبيبته لا يتذكرها الا كلية شاملة حاضرة مبتسمة لا يستطيع أن يحدد تفصيلاتها ولا ثنياتها ! كيف لرجل أن يرغب أنثى لا يستطيع رؤيتها متجردة ولا يستطيع تخيلها ؟! انثى يرى فيها أمه و حبيبته و أخته و ابنته و لكنه لا يراها زوجته و تلك نقرة أخرى .. لا يعلم الآن أكانت حقا محبوبته ؟ أم انه حلم بها و طارت ، و لكن حتى حلم الرجل دائما يكون به تلك الاشياء الممنوعة و الجموح اللذيذ ، فلماذا هى بالذات ؟

تلك قصة أخرى لا يدرى حقيقتها ..

أما هذه الجالسة أمامه الحاضرة بقوة الشباب و نفور المراهقة و خجل الفتاة الصغيرة و اصرار انثى و فضول طفلة .. يشعر معها باقتحام العالم الحسى ، بجموح المشاعر البشرية و بقوة انتشارها داخله على دفعات من رائحتها .. بشرتها الناعمة و وجهها المتفتح .. هى على النقيض انثى متألقة فى ذاتها تعرف أنها انثى رائعة بكل مقاييس الرجال ، تعرف أنها مرغوبة و تتصرف على هذا الأساس .. تغريك بها و تشعرك بأنوثتها الحارة القوية و تعتز بها .. تكره التصرف مثل الرجال ، أنثى مراوغة .. منطلقة بجنون على الحياة ، أنثى فى ربيع العمر تتفتح على عالم الرجال و تستمتع بنظرات الاعجاب .. أنثى كتلك التى وصفوها فى الكتب بأنها حوراء العينين ، مخملية الملمس ، غجرية الشعر ، عربية القوام ، بدوية الجسد ..

أنثى تستثيره و تغريه بالاقتراب .. لا تضع ذلك الطوق الذهبى حولك و لكنها تراقبك و ترسل اشارات فوق صوتية لرجولتك تأجج جموحك و تجبرك على الاستجابة .. تسيطر عليك بأنوثتها و لكنها أنثى رقيقة ضعيفة تنتظر ذلك الفارس لتعطيه كنوزها و تصبح طوعا له .. أنثى عنيدة ، ليست كتلك الأولى و لكنها أنثى عنيدة تغريك بعنادها أن تقتحمها ، صوتها الناعم الرقيق يبعث فيك شعورا بالنشوة .. كلامها الطفولى و تساؤلاتها البديهية تثير فيك غريزة الأب فتشعر أنك مسئول عنها مشغول بها تعلمها مبادىء الحياة التى لم تقتحمها بعد .. ملامحها الصغيرة الناعمة التى تشكل لوحة فنية على وجهها تبعث فيك راحة غريبة عندما تتأملها فلا تريد أن ترفع عينيك عنها .. عطرها النفاذ و أنفاسها الهادئة ، شعرها الناعم المسترسل على كتفيها الممتد إلى نهر عميق ، نظراتها العذبة و ايماءاتها المستترة و رغبتها المدفونة البادية فى صوت جسدها النافر يستفزك ..

جموحها الأخاذ يصلك فيشعلك دفعة واحدة لتهم بالاقتحام ..

لا تشعر معها بالقيود ولا بالاعراف و المسافات ..

انوثتها تقتحم حدودك و تضطرك الى ذلك الصراع الداخلى ..

عندما تغضب تزداد جمالا بضم شفتيها و نظرة الحزن فى عينيها الجميلتين ، تعاقبك بحرمانك من ابتسامتها و من صوتها فتبتسم انت و تقترب هامسا لها بكلمة السر ..

فتعود مرة أخرى لتتفتح و تشرق و تبتسم ابتسامة عتاب لذيذة موحية ..

هذه انثى تستثيرك و تجبرك على التحرك ، انثى تعطيك القيادة بقوانين انوثتها .. انثى تعطيك الفرصة للجموح و لكن بحذر ، انثى تشعرك بالخضوع رغم عنادها .. تترك لك حق المبادرة و لكنها ترشدك للطريق بايحاءاتها ..

انثى لا تتحكم و لكنها تشير عليك .. انثى يجب أن تحذر الاقتراب السريع منها أو الابتعاد عنها ..

انثى تجبرك على محاولة اللعب فى تلك المسافة الفاصلة بين القرب و البعد

فغرورها يمنعك من الاقتراب فتشعر بأنها ملكتك ، و كبرياؤها يمنعك من الابتعاد فتشعر أنك أهنتها فتتركك ..

طالما كرهت تلك المنطقة الرمادية من العلاقات التى تفصل بين الرغبة و بين النفور و لكنه عشق لعب ذلك الدور معها .. غرورها يغريه بكسره و السيطرة عليها و لكنه يحذر الاقتحام السريع فينكسر كل شىء ..

بين الرغبة و الخوف يعيش معها ، بين احتواء الأب و رغبة العشيق يعيش معها .. بين انتظار كواكب اخرى للولوج و بين خوفه عليها يعيش ..

و لكن شيئا غريبا ينقصه ، ينقصه شعور الرجل المرغوب .. ينقصه الاحساس بأنه اللاعب الوحيد فى حياتها .. على عكس الأولى التى كانت تشعره كلية بأنه الأول و الأخير و أنه المتفرد فى عرشه رغم أنه لا يعلم حتى الآن أكانت حقا تعشقه أم لا و لكنها كانت تستطيع ارسال تلك الاشارة له دائما ..

و لكن هذه ينقصه معها الاحساس بالتفرد و بأنها له .. رغم تأكيدها الدائم بأنه ليس هناك آخر و لكنه يلمحه فى عينيها .. يلمح فى تصرفاتها غرابة من خبرت تلك المشاعر مع غيره ، تصر على عدم البوح له بأى مما فات أو بشىء من حاضرها .. فقط ترسل له الاشارات و الالغاز دون أن يعرف شيئا حقا عنها .. رغما عنه لا يستطيع الوثوق فى تصرفاتها ، لا يدرى ألأنه يراها طفلة طائشة أم لأن هناك شيئا تخفيه لا يدرى ما هو ! ..

هى أنثى تعشق البدايات و تصارع لكى يبقى كل شىء فى بدايته .. المعرفة على قدر محدود .. التحكم بقدر معلوم ، تعشق أن تشعر بان كل شىء ما زال فى البداية لأنها لم تعرف أبدا النهايات و لم تخبر و لم تر الا رجالا يشتهون و يرغبون فتعلمت كيف تبقى كل شىء فى البدايات لا أدرى أخوفا من مجهول أو رغبة فى عدم التقيد بنهاية محددة لتجرب بدايات عدة تختار من بينها ما تريد ؟!

بين هذه و تلك لم يعد يدرى من هو و لا من هن .. !

أترى هل تلك السابقة ، الأولى تصلح أن تكون رفيقة و عشيقة و هو يشعرها ولا يراها ؟؟ أم انها ستكون عشيقة و يبحث عن أخرى لتشبع عالمه الحسى الملموس ؟!

أترى الأخرى سينطفىء شوقه لها و ولعه بها حين يلجها و يقتحم انوثتها ؟ أم أنها ستكون رفيقة درب و كمالا لروحه و ستغلق عالمها عليه هو فقط لتصبح شمسا له وحده و تطرد باقى الكواكب من مدارها ؟

نظر اليها فوجدها قد انتهت من الشاى و جلست تتأمله و هو يفكر فى عمق و عندما نظر لها و ابتسم لمح فى عينيها نظرة عتاب ..

طلبت منه أن ينصرفا من هذا المكان فترك الحساب و أخذها و خرجا معا .. أمام سيارته وقفت قبل أن تركب و سألته بضيق " فيم كنت تفكر ؟! " ابتسم ابتسامة رضى لسؤالها و شعر فيه باهتمام طالما اخفته " كنت افكر فيكى " نظرت اليه نظرة ريبة كمن تتأكد من صدقه و لكنها لمحت لمعة الحب هذه فى عينيه فابتسمت فى رضى و ركبت

نعم كان يفكر فيها و لكنها ليست كل الحقيقة .. انها نصف الحقيقة فقط .. فالاسئلة دائما تجبرنا على الكذب .. !!

كريم حبيشى

الخميس، 5 مايو 2011

ثقافة المصادرة .. و صدقت النبوءة !

منذ يومين خرج علينا خبر بدا جيدا للكثيرين بل و نشره الكثير مصحوبا بجمل من نوعية الله أكبر ، و عظيمة يا مصر .. و ظهر الحق و إلى غير ذلك من الجمل التى تدل على الفرح و الغبطة الشديدة بالخبر

الخبر هو خبر منع القبلات و الأحضان بالتليفزيون المصرى .. و بصرف النظر عن هذه الاشاعة التى خرجت خصيصا للاستهلاك العام و شغل الناس بها و تقديم قربان لجماعات معينة لكسب ودهم ، و بصرف النظر عن أن أى شخص ممن سمع الخبر و فرح به هو فى الاساس لا يعلم أن التليفزيون المصرى و منذ عدة سنوات لا يعرض لقطات القبلات و الاحضان و إلى غيرها لدرجة أن وصل الحال فى بعض الأفلام أنك تفاجأ بالمشهد يتحول فجأة ولا تدرى ان كان هذا هو المسار الطبيعى للفيلم أم انه قد تم حذف جزء كبير فتخرج فى النهاية لا تفهم ماذا كانت قصة الفيلم و ماذا حدث نتيجة الحذف المتكرر لمشاهد كاملة مليئة بالكلام و الأحداث و كانت هذه الفكرة تذكرنى بالصعيدى الذى قطع ذراعه ليتخلص من ألم فى الاصبع الصغير

ما علينا .. و بصرف النظر عن اتفاقى 100 % على نبل الفكرة و جمال الحلم بعالم خالى من الرذيلة و لكنى مؤمن تمام الايمان بأننا اصبحنا فى وقت لا يجوز فيه المصادرة لأى فعل أيا كان فقد اصبحنا فى عالم تعداد سكانه تعدى ال 6 مليارات .. أكثر من 5مليارات يستطيعون الولوج لعدد غير محدود من وسائل الاعلام سواء المرئية أو المسموعة أو المقروءة .. أكثر من 3 مليارات منهم يشاهدون بشكل أو بآخر عدد لا محدود من القنوات الفضائية المفتوحة على كل جهات الأرض و كل الثقافات المختلفة بحلوها و مرها .. و ما يقرب مليارين منهم و هذا هو الاهم يملكون أجزة كمبيوتر موصولة بشبكة الانترنت أو الشبكة العنكوبوتية التى لو بلغ أكثر الناس ذكاءا و قدرة لما استطاع حجب أى شىء عليها حجبا كاملا .. الجميل فى الموضوع أن هذه الشبكة العنكوبية يتم يوميا عليها انشاء أكثر من 250 ألف موقع اباحى أو جنسى أو مرتبط بالجنس و الجميل أن هذه المواقع تمثل أعلى نسبة زيارة يوميا على مستوى العالم عامة و على مستوى العالم العربى خاصة تتجاوز النسب كل التوقعات .. لذلك و قبل أن تتهمنى بالدعوة للرذيلة و حب الفحشاء ، و قبل أيضا أن يتطور الامر لتكفرنى كما أصبح سهلا عند البعض هذه الايام أن يصف أى مخالف لرأيه بالكفر و عداوة الرسول أعرض عليك هذا الكلام

ما أعرضه عليك هو كلام قد تذكرته بمحض الصدفة اليوم و أنا اقلب بمدونتى المنحوسة و تذكرت أنى و منذ 3 سنوات كتبت مقالا أنا نفسى تعجبت منه عندما قرأته الآن لأننى وجدته كنبوءة قد تحققت على أرض الواقع بالفعل .. وجدته و كأنه يتحدث عما يحدث الآن فى مصر عامة و فى موضوع ثقافة المصادرة التى انتشرت و الحمد لله كالنار فى الهشيم فى جسد مصرنا الغالية

لا أدعى أننى صاحب فكر ولا صاحب رؤية نافذة للمستقبل و لكنى كمواطن غلبان حلم يوما أن يكون كاتبا و لم تواتيه الفرصة حتى الآن ، لا أستطيع أن أمنع نفسى من الغبطة و من الاحساس بنفسى عندما أقرأ كلاما لى منذ 3 سنوات يبدو و كأنه كان توقع للأحداث و يبدو و كأنه يصلح لكل الأوقات خاصة وقتنا هذا .. أتركك مع الكلام القديم فى ثيابه الجديدة و أترك لك التعليق فى النهاية

المقال كتبته بعنوان " ثقافة المصادرة " فى 26 سبتمبر 2008

و هذا هو لينك المقال على مدونتى القديمة ان اردت التأكد من صدق كلامى

http://tagallyat.blogspot.com/2008/09/blog-post_9936.html

ا

(

فتحت الفيس بوك لألقى نظرة على الجديد عندى و بينما أقلب فى الدعوات المرسلة لى من أصدقائى وجدت دعوة للانضمام لجروب باسم " حملة حجب المواقع الاباحية " فى بادىء الأمر ضغطت زر قبول الانضمام دون وعى كما أفعل كل مرة على الفيس بوك و لكنى عدت إليها مرة أخرى فتفكرت فى الأمر فإذا بى ألغى اشتراكى فى الجروب .. قد يقول البعض الآن ماذا أريد أن اقول و لماذا ألف و أدور عليكم و أوجع دماغكم الكريمة المليئة بالمشاريع الفيسبوكية و التدوينية و غيرها ..

و قد يقول البعض "و انا مالى و مال الدعواتبتاعتك عالفيس بوك تقبل ولا ترفض مال أهلى أنا ؟؟ " الموضوع ليس مجرد رفض أو قبول دعوة لحجب المواقع الاباحية الموضوع موضوع فكر .. إننا بحجب المواقع الإباحية ننصدر قرارا تعسفيا بالقوة الجبرية لن نجنى منه شيئا سوى انتشار مافيا تجارة المتعة و غلاء أسعار المجلات و الأفلام الاباحية فى السوق السوداء و لن نستطيع منع الناس من شرائها ..لأننا مهما حاولنا أن نغير أى شىء بالقوة فلن يتغير .. بالعكس سيصبح له لذة أعظم لأنه ممنوع ، و الممنوع مرغوب

فليست المصادرة حلا فى أى شىء .. إن المصادرة لهى استبداد بالفكر .. مصادرة كتاب كمصادرة مجلات إباحية كمصادرة فكرة ثورية لن نجنى شيئا من وراء المصادرة سوى أن نزيد المشكلة و ننشرها بدون قصد على نطاق أوسع .. و لكن كما يقول الشاعر " لا يفل الحديد إلا الحديد " فايضا لا يمكن محاربة فكرة إلا بفكرة مثلها ولا يمكن محاربة الفاحشة إلا بالفضيلة .. فعندما أصدر طه حسين كتابه عن العصر الجاهلى و ما تلاه من ثورة عليه و مطالبة بقتله و اتهام بكفره و مطالبة بمنعه من الكتابة و مصادرة كتابه هذا ، وقف العملاق عباس العقاد و كان نائبا فى البرلمان وقتها .. وقف ثائرا محتجا محاربا كل من قال بمصادرة الكتاب – رغم أنه كان من أشد المعادين للكتاب – وقف ليقول أنه لم و لن يسمح بمصادرة فكر مهما كان و أن من يرى أن افكار الكتاب سيئة فليحاربها بفكر مثلها و ليس بمصادرتها ، فإنما المصادرة ضعف و ستثبت صدق الكتاب و لكن يجب أن يقرأ الناس الكتاب و يقرأون أ]ضا نقده و الرد عليه .. كان هذا رأى العقاد كاتب الحرية عن المصادرة ..

لذلك فإذا أردنا أن نمنع شيئا سيئا فلا بد أن نحاربه بالفكر و ليس بالمصادرة

فبالنسبة للمواقع الاباحية فلن يجدى معها مصادرة و حجب و لن تفيد الناس بل بالعكس سيكون جيلا هشا قد يمشى على الفضيلة مغصوبا و لكنه ما إن يرى شيئا جديدا إذا سافر للخارج و رئى العرى و الفجر فلن يلبس أن ينغمس فيه و نحن لا نريد جيلا ضعيفا و إنما نريد أن نجعلهم يمتنعون عن الفاحشة بعزيمتهم و إرادتهم فبدلا من المصادرة يجب أن تنشر وسائ الإعلام فى الناس خوف الله و تعلمهم بمخاطر هذه الفواحش فيمتنعون عن ذلك بإرادتهم و يصبحون جيلا من العظماء الذين يتحدون العالم لأنهم نجحوا أولا فى تحدى غرائزهم الحيوانية

لا أريد أن أطيل أكثر من ذلك و إنما هو شىء استفزنى فأردت أن أوضحه لكم .. فنحن كل يوم نطالب حكوماتنا بإعطائنا الحرية و لكن يبدو أن ثقافة المصادرة قد تفشت فينا حتى النخاع .. أخشى ما أخشان أن نتسلم حكم ذاتنا يوما فلا نستطيع أن نحرر أنفسنا من ثقافتنا المتخلفة و نظل نقمع أنفسنا على غرار أزمان من القهر و المصادرة حتى أصبحا جزءا من شخصيتنا ..

)

انتهى نص الكلام المكتوب منذ 3 سنوات

و قد تحققت النبوءة بتسلم الشعب المصرى لذمام اموره بعد ثورته العظيمة على الطغيان و فوجئت بأن ما تخوفت منه منذ 3 سنوات قد تم بالفعل و انتصر تيار المصادرة و التكفير و عدنا سنينا الى الوراء من جراء ثقافة مصادرة زرعت فينا لقرون و قرون و بعد ان انتهى مقص الرقيب وجدنا انفسنا نطالب بعودة رقيب أشد و أقفتك

و بعد انتهاء زمن مصادرة الكتب من أمن الدولة

وصلنا لمصادرة من أمن الوهابية

أخشى ما أخشاه الآن هو ألا نستطيع بالفعل التخلص من هذا الفكر المتعمق فينا

فى النهاية يحق لى بما أنك أتيت الى هنا برجليك و بما انى لا أجد غضاضة فى انتهاز فرصة وجودك هنا و التى لا تتكرر يحق لى توجيه كلمة أخيرة لكل من شرفنى بقراءة هذا الكلام

مصر أعظم وأبقى من ارادة شخص أو مصلحة مجموعة أو تيار

مصر أغلى و أكبر من تشدد فئة أو جهل فئة أخرى

لذلك أتوجه بالكلمة لكل من يحمل جنسية هذا البلد العظيم .. فلنكف عن استيراد الافكار و التيارات و الشيع من الخارج

و لنعتز بمصريتنا و بتسامحنا المعتاد و لنعود كما كنا دائما مصريين

لا مسلم ولا مسيحى ولا شيعى ولا بهائى ولا كردى

فلمصلحة من يتم الآن تشييع الناس و تقسيمهم ؟؟

لم نسمع من قبل على مدى مئات السنين أن مصر يوصف فيها شخص بغير أنه مصرى .. و فى أقصى عقود انقسام المسلمين بين خوارج و علويين و شيعة و سنة و صراع كل منهم على الامارة كانت مصر الولاية الوحيدة التى احتفظ اهلها بوحدتهم

اتقوا الله فى مصر .. اتقوا الله فى مصر

أنا مسلم و يكفينى و ليحاسبنى الله يوم القيامة بما أكنه فى نفسى سواء بخير أو بشر

و لتكف كل فئة عن محاولة ادعاء أنها هى الفئة الواحدة التى ستدخل الجنة من المسلمين على غرار الحديث الشريف للرسول صلى الله عليه و سلم أن الاحدى و سبعين فئة سيكنون فى النار الا فئة واحدة

و ليفصل الله بيننا يوم القيامة و لكن الآن و فى الحياة الدنيا و على الارض فهذا هو وقت العمل و ليس وقت الحساب

هذا هو وقت الاجتماع لا الاختلاف

و الله على ما أقول شهيد

كريم حبيشى

الاثنين، 5 يناير 2009

أخيرا .. كتاب البنات عايزة ايه ؟!



السلام عليكم
أخيرا تم طرح كتاب البنات عايزة ايه فى الأسواق
خبر قد ترونه جميعا عادى كأى كتاب من آلاف الكتب التى تطرح يوميا فى الأسواق منها الجيد و السىء و فى كلتا الحالتين لا تكلفوا أنفسكم عناء القراءة
و لكن الخبر هذه المرة مختلف كما أعتقد
فكتاب البنات عايزة ايه ليس كتابا فلسفيا أو سياسيا و ليس كتابا ألفه أحد كبار مؤلفينا قد يصعب عليكم قراءته و فهمه
و إنما هو رسالة من كل بنت مصرية إلى كل رجل مصرى
أخ كان أو صديق أو حبيب
رسالة من مجتمع النساء المقهور إلى مجتمع الرجال المسيطر
رسالة موجهة من " بسمة عبد الباسط " و بدرية طه "
فتاتان عاديتان جدا مثل أى بنت فى مصر و لكن كل الفرق أنهما قرروا التحدث
قرروا أن يوجهوا رسالة للرجال يعلموهم كيف تريد المرأة أن يعاملها الرجل
قاموا بتوجيه سلوك الرجل مع المرأة لأشياء قد يراها تافهة أول الأمر و لكنها ليست كذلك على كل حال
فهم افترضوا أنا الرجل ليس سيئا كما يظهر و إنما هو فقط يفتقد للخبرة باحساس المرأة فشرعوا يعلمونه عن عالمهم و أحاسيسهم فى سلسلة تم نشرها على الإنترنت أولا من خلال مدونة إلكترونية تحمل اسم " البنات عايزة ايه "
http://elbanatayzaea.blogspot.com/
ثم امتدت إلى الفيس بوك عن طريق جروب يحمل نفس الاسم
تحتوى هذه السلسلة على دليل مفيد جدا و صادق فى ماذا تريد المرأة من الرجل
و امتدت السلسلة فى عدة نواحى و مواضيع منها على سبيل المثال لا الحصر
" لا أريدك أنانى " و " من فضلك تحملنى " لا لهذه الأفعال " و "قل أحبك أمامهم " و " امنحونى الثقة " و " قلها بدون خجل .. آسف " و من فضلك خاطبنى باحترام "
" و البنت عايزة ايه من خطيبها "
كما لم يكتفوا أيضا بتقويم الرجل فقط بل شرعوا يخاطبون أنفسهن و بنات جنسهن اعترافا منهن بأنه فى بعض الأحيان قد تكون المرأة هى المشكلة فوجهوا لها بعض النصائح فى مواضيع جميلة و شيقة مثل " لا تتطفلن "

إنها حقا سلسلة شيقة و جميلة أعتقد أنها تفيد كل الناس
تفيد المقبلين على الزواج لولوج العالم الخاص بمشاعر الأنثى حتى يتسنى لهم النجاح فى حياة زوجية سعيدة و هادئة
تفيد الأب فى التعامل مع بناته دون قلق أو تسلط أو قسوة
تفيد الرجل مع زوجته فى تخطى مشاكلهم الزوجية
فالمختلف هذه المرة أننا لا نسمع هذا الكلام من مفكر كبير أو من فيلسوف وجودى أو من كاتب أجنبى أو من عالم علم نفس أو اجتماع
و إنما هو كلام من المرأة عن نفسها تميز بالصدق و الوضوح و أيضا امتازت الؤلفتان بالاسلوب الشيق الجميل
كتاب البنات عايزة ايه
بجد لازم كلنا نقراه و لمزيد من المعلومات عن الكتاب و عن مواضيعه و محتوياته و فكرته ادخل على جروب الكتاب على الفيس بوك على http://www.facebook.com/group.php?gid=41753698964&ref=mf
أو على مدونة البنات عايزة ايه
http://elbanatayzaea.blogspot.com/
أرجو المشاركة بآرائكم فى الفكرة و مناقشة الموضوع سواء بالتقبل أو الرفض

الجمعة، 17 أكتوبر 2008

متى تبوح ليلى بالظلم و متى يكف الجهلاء عن هتك عرضها فى كل مكان ..!


كانت كوردة فى ربيعها الفتان حين ينزل عليها الندى فتتفتح و تتمايل فرحا و طربا بالحياة غير عابئة بأى شىء .. كانت مثالا للسعادة و الانطلاق و الجدية فى العمل .. أو كما تحترق الشمعة لتضىء للآخرين كانت هى ...

إنها ليلى .. كما خلقها ربها فى أحسن صورة ، جمال و فتنة و انطلاق و أيضا حياء و أدب و خجل .. فتاة أحبت الحياة فكان مصيرها الوأد حية فى حجرتها ..

فتاة أحبت الناس فقتلوها بغير ذنب غير أنها لم تفعل إلا ما تراه صوابا ..

فما العيب فى خروجها للعمل ؟؟!

و ما العيب فى جلوسها مع أصدقائها فى أى مكان عام ؟؟!

ما العيب فى التنزه مع صديقاتها فى أى مكان كان ؟؟!

ما العيب فى أنا تحسن النية بمن حولها من البشر ؟؟!

أى ذنب اقترفته بالله عليكم كى نعذبها و نحبسها و نحول حياتها جحيما لا يطاق ؟؟!

ليلى هى أختى و أختك .. هى حبيبتى و حبيبتك .. فمن منا لا يحب ليلى إلا شاذ ؟؟!

و هل ليلى لا تمثل بالنسبة لك إلا قريباتك و أصدقائك ؟؟

ألم تفكر يوما أن كل ليلى تمشى على الأرض هى قريبة أو حبيبة أو زوجة لأحدهم ؟؟

هذه هى ليلى التى قتلناها بجهلنا

عذبناها بقسوتنا

هتكنا عرضها بأيدينا الآثمة

و السبب هو أننا نحبها !!!!!!!!!!!!

أى حب هذا الذى يجعلك تتكلم فى عرضها ؟؟

أى حب هذا الذى يجعلك تفترى عليها فى كل مكان بكلام كاذب ؟؟!

فهل لأنها جميلة يجب أن تكون آثمة ؟؟!

فلندع ثقافة تكونت فى أذهاننا على مر عصور من الظلام .. ثقافة تربط بين مفاتن المرأة و بين الفاحشة

فليس كل نهد مهدا للزنا

و ليس كل فرج أب شرعى للفاحشة

و ليس كل وجه جميل يستخدم فى جذب الرجال لأحضانه

فكم من ليلى غاية فى الجمال و الفتنة أعف من أمك و أختك و زوجتك اللاتى تتباهى بشرفهن دائما

.............................................................................................................................

تحولت ليلى فى أى مكان إلى شاه يشتهيها الذئاب .. و لكن ليتهم كانوا ذئابا حقيقية .. و إنا هم أشباه الذئاب

فإنهم لا يملكون قوة و جرأة الذئب فى اقتناص الشاه و إنما هم مرضى .. صرعى أنفسهم لا يقدرون سوى على الكلام

لا يجدون ما يظهرون به قوتهم إلا الخوض فى شرف ليلى ليظهروا براعتهم فى وصف مفاتنها و هتك عرضها ..

إنهم أشباه الرجال و ليسوا حتى اشباه النساء .. فالمرأة أعف و أطهر من أن يشبه بها مثل هذا النوع من الحيوانات البشرية

نعم حيوانات لأن ما يفضل الانسان على الحيوان هو العقل و لو عقلوا ما خاضوا فى عرض ليلى للحظة واحدة

...................................................................................................................


" من كان منكم بلا خظيئة فليرمها بحجر "

حملتنا لا تقوم على دين معين .. و إنما هى حملة البشر الأسوياء من جميع الديانات على هتك عرض ليلى فى كل مكان ..

فهذه هى كلمات السيد المسيح عليه السلام عندما جاؤوه بامرأة زانية ليرجموها أمامه بعد أخذ رأيه فرد عليهم بأنه " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر " فإذا كان هذا هو رد انبى الله عيسى الذى نزل بعقيدة التسامح ألا و هى المسيحية .. فإذا كان هذا هو رده على امراة أتت بفاحشة مبينه فما بالكم بمن نتهمهم بالزور كل يوم و نرجمهم ليس بالحجارة و إنما بكلامنا كل يوم ألف مرة .. لذلك حرم الإسلام أيضا الخوض فى أعراض النساء حتى و لو أتت بفاحشة مبينه .. فإن تأكد ذلك ترجم أو تجلد دونما زيادة فى كلام أو سب أو تشهير .. فالجلد و الرجم أهون الف مرة من كلام الناس .. أما إن تبين كذب المدعى على المرأة أنها زانية فإن عقابه ليس ضربا أو سبا و إنما هو أن يعيش وحيدا دونما بشر من حوله .. فقد حرم الإسلام الأخذ بشهادة من خاض فى عرض امراة بغير حق و دعا للابتعاد عنه و عدم مخالطته .. كل ذلك لحفظ عرض حواء من السنة الكذابين النمامين .. " و الرابعة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " فقد طرد الله من يتهم المرأة فى شرفها بالكذب من رحمته .. و إذا طرد من رحمة الله أحد فلا منجى له من الله ..

و نبى اليهودية موسى عليه السلام .. عندما وجد الفتاة عند البئر ينبزها الناس و يضايقونها لم يرض بذلك و قام ليملأ لها الماء حفظا لشرفها من هؤلاء القوم الضالين ..

فليس الخوف على أعراض النساء و النخوة و الشهامة وليدة اليوم أو الأمس و إنما هى وليدة أزمان مضت منذ خلق آدم عليه السلام ..

وحملتنا لا تقوم على أساس دينى سواء كان إسلاميا أو مسيحيا و إنما هى حملتنا لحماية كل النساء من كل الديانات فى كل المجتمعات من ألسنة الجهلاء .. فليست النميمة و الخوض فى أعراض النساء وليدة الإسلام فقط و إنما هى مرض يضر كل الناس من كل الأنواع و العقائد

...........................................................................................................

" يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا "

فليس كل ما تسمعه عن أعراض الناس هو صحيح خصوصا و أننا فى زمن انتشرت فيه الانحرافات السلوكية و ضاعت فيه الأخلاق

و لهذا السبب لا يمكنك التحقق من النبأ فلذلك لا تصدق أى شىء يقال لك حتى ترى بنفسك .. فإذا لم ترى شيئا فقل إنى برىء منكم و من قولكم و قاطع هؤلاء الكذابين حتى لا يجدوا من يسمعهم فيكفوا عن افترائهم على الناس بالباطل ، أو ليأخذهم الله بظلمهم لأن الله هو ولى كل امرأة مغلوبة على أمرها لا تستطيع الدفاع عن نفسها من الناس .. فقد قال نبينا محمد صلى الله عليه و سلم " إن الله يغار على عباده " فإذا لم تجد المرأة من يغار عليها و يدافع عنها فلتبشر بأن الله هو الذى يغار عليها و ينتقم لها فى عرضها و شرفها ..

.........................................................................................................................

إليك يا ليلى .. لكم سكتى على الظلم حتى ضاع حقك .. و لكم أعطيت لاشباه الرجال الفرصة للخوض فى شرفك بسكوتك و خضوعك و خوفك و صمتك ..

و ها و قد وجدتى من يسمعك صرختك دونما إلقاء اللوم عليك .. ألم يحن الوقت إذا لتخرجى عن صمتك و تفضى إلينا بما تكنيه فى صدرك لكى نستطيع مساعدتك ؟؟

فلن تتخيلى مدى ما سيسببه كلامك من إثارة لنخوة الرجال فينضموا إلينا لمساعدتك و لحفظ عرضك ..

فلطالما شكوتى ظلم الرجل لكى يا ليلى .. و لكنك شكوتى إلى المرأة ظلم الرجل و لم تسمعينا شكوتى .. فها نحن نهب من ثباتنا لنفتح آذاننا و قلوبنا لك لتصفى الظلم الواقع عليك من النا سو ألسنتهم علنا نستطيع إسكات هؤلاء الجهلاء ..

الجزء الأهم من حملتنا يقوم عليك أنت يا ليلى .. فيجب أن تعرض ليلى مشكلتها بنفسها .. أن تحكى عن مواقفها مع كلام الناس .. فأنا مهما قلت فلن أستطيع أن أترك التأثير الذى ستتركه قصة واقعية حدثت لك شخصيا ..

و قد يقف جاهلا ليقول لى و هل عندك دليل على انتشار ذلك المرض حتى تقف لتتحدث عنه .. ساعدينا يا ليلى لإسكات كل من يتكلم فى حقك .. فلكم ضاعت حقوق بسبب سكوت أصحابها عنها .. فلا تسكتى بعد اليوم و قد وجدت بعضا ممن ظلمك يوما و قد رجع عن ظلمه لينضم لصفك ضد كل جنسه الظالم المفترى عليك .. و ضد كل من يفترى عليك من بنات جنسك أيضا .. فلطالما افترت النساء على بعضها الأقاويل بالباطل .. فلتقفى معنا لنقول جميعا لكل من يفترى على شرفك و عرضك " اصمت للأبد أيها الجاهل و إلا فستعيش منبوذا ذليلا "

جملتنا لن تكون مجرد كلام على الإنتر نت و إنما هى المرحلة الأولى منها فقط و سوف تمتد بعد ذلك بإذن الله للشارع و الجامعات و المدارس .. ثم سنجتمع معا فى ساقية الصاوى لنقول معا " كفى كذبا و افتراء على أعراض الناس و لتبحث عن شىء آخر تتحدث فيه غير العرض و الشرف أيها المريض الجاهل "

......................................................................................................................

إلى كل من لديه ذرة إحساس .. إلى كل من تجرى فى عروقه دماء نظيفة من ذكر أو أنثى .. شاركونا حملتنا على النميمة و الخوض فى أعراض النساء ..

فقد تقول و مالى و مال ذلك و لكنى الآن سأعدك بأنك يوما ما ستعرف قيمة ذلك عندما يخوض الناس فى شرف أختك أو أمك أو بنتك أو زوجتك بالباطل و تقف كالمذبوح لا تملك إلا أن تصمت للأبد لأنك رفضت يوما أن تساعدنا فى حماية عرضك من كلام الناس

عندها ستشعر بمدى الظلم الواقع على حواء و على آدم أيضا من كلام الناس .........

حملتنا هى حملتكم كلكوا .. شاركونا فيها بأى حاجة تنسابك و تقدر تعملها

.......................................................................................

لينكات الحملة ..

مدونة " لا للنميمة " http://nonamema.blogspot.com/

جروب لا للنميمة على الفيس بوك http://www.facebook.com/group.php?gid=26890093842&ref=ts


ستجد هناك باقى المعلومات عن الحملة

.......................................................................................................

اعتذار .. أعتذر لأعضاء حملة كلنا ليلى عن استخدام اسم ليلى اقتضاء بهم و لكنى أقول لهم أننا جميعا نعمل فى نفس الاتجاه و يسعدنا أن نصبح كلنا يد واحدة و نستفيد من عمل بعضنا البعض ..

و أرجو منكم المتابعة معنا و الاتصال بنا للتنسيق بين الحملتين على أحسن وجه بإذن الله .......
......................................................................................
الصورة للفنان الكبير سلفادور دالى و وجدت أنها أصدق تعبير عن حال ليلى التى ينهش الكل فى جسدها و يعرونها من شرفها ..

الجمعة، 26 سبتمبر 2008

ثقافة المصادرة ..


فتحت الفيس بوك لألقى نظرة على الجديد عندى و بينما أقلب فى الدعوات المرسلة لى من أصدقائى وجدت دعوة للانضمام لجروب باسم " حملة حجب المواقع الاباحية " فى بادىء الأمر ضغطت زر قبول الانضمام دون وعى كما أفعل كل مرة على الفيس بوك و لكنى عدت إليها مرة أخرى فتفكرت فى الأمر فإذا بى ألغى اشتراكى فى الجروب .. قد يقول البعض الآن ماذا أريد أن اقول و لماذا ألف و أدور عليكم و أوجع دماغكم الكريمة المليئة بالمشاريع الفيسبوكية و التدوينية و غيرها ..

و قد يقول البعض "و انا مالى و مال الدعواتبتاعتك عالفيس بوك تقبل ولا ترفض مال أهلى أنا ؟؟ " الموضوع ليس مجرد رفض أو قبول دعوة لحجب المواقع الاباحية الموضوع موضوع فكر .. إننا بحجب المواقع الإباحية ننصدر قرارا تعسفيا بالقوة الجبرية لن نجنى منه شيئا سوى انتشار مافيا تجارة المتعة و غلاء أسعار المجلات و الأفلام الاباحية فى السوق السوداء و لن نستطيع منع الناس من شرائها ..لأننا مهما حاولنا أن نغير أى شىء بالقوة فلن يتغير .. بالعكس سيصبح له لذة أعظم لأنه ممنوع ، و الممنوع مرغوب

فليست المصادرة حلا فى أى شىء .. إن المصادرة لهى استبداد بالفكر .. مصادرة كتاب كمصادرة مجلات إباحية كمصادرة فكرة ثورية لن نجنى شيئا من وراء المصادرة سوى أن نزيد المشكلة و ننشرها بدون قصد على نطاق أوسع .. و لكن كما يقول الشاعر " لا يفل الحديد إلا الحديد " فايضا لا يمكن محاربة فكرة إلا بفكرة مثلها ولا يمكن محاربة الفاحشة إلا بالفضيلة .. فعندما أصدر طه حسين كتابه عن العصر الجاهلى و ما تلاه من ثورة عليه و مطالبة بقتله و اتهام بكفره و مطالبة بمنعه من الكتابة و مصادرة كتابه هذا ، وقف العملاق عباس العقاد و كان نائبا فى البرلمان وقتها .. وقف ثائرا محتجا محاربا كل من قال بمصادرة الكتاب – رغم أنه كان من أشد المعادين للكتاب – وقف ليقول أنه لم و لن يسمح بمصادرة فكر مهما كان و أن من يرى أن افكار الكتاب سيئة فليحاربها بفكر مثلها و ليس بمصادرتها ، فإنما المصادرة ضعف و ستثبت صدق الكتاب و لكن يجب أن يقرأ الناس الكتاب و يقرأون أ]ضا نقده و الرد عليه .. كان هذا رأى العقاد كاتب الحرية عن المصادرة ..

لذلك فإذا أردنا أن نمنع شيئا سيئا فلا بد أن نحاربه بالفكر و ليس بالمصادرة

فبالنسبة للمواقع الاباحية فلن يجدى معها مصادرة و حجب و لن تفيد الناس بل بالعكس سيكون جيلا هشا قد يمشى على الفضيلة مغصوبا و لكنه ما إن يرى شيئا جديدا إذا سافر للخارج و رئى العرى و الفجر فلن يلبس أن ينغمس فيه و نحن لا نريد جيلا ضعيفا و إنما نريد أن نجعلهم يمتنعون عن الفاحشة بعزيمتهم و إرادتهم فبدلا من المصادرة يجب أن تنشر وسائ الإعلام فى الناس خوف الله و تعلمهم بمخاطر هذه الفواحش فيمتنعون عن ذلك بإرادتهم و يصبحون جيلا من العظماء الذين يتحدون العالم لأنهم نجحوا أولا فى تحدى غرائزهم الحيوانية

لا أريد أن أطيل أكثر من ذلك و إنما هو شىء استفزنى فأردت أن أوضحه لكم .. فنحن كل يوم نطالب حكوماتنا بإعطائنا الحرية و لكن يبدو أن ثقافة المصادرة قد تفشت فينا حتى النخاع .. أخشى ما أخشان أن نتسلم حكم ذاتنا يوما فلا نستطيع أن نحرر أنفسنا من ثقافتنا المتخلفة و نظل نقمع أنفسنا على غرار أزمان من القهر و المصادرة حتى أصبحا جزءا من شخصيتنا ..


الصورة للفنان الكبير سلفادور دالى

حدوتة عشق


منير .. الصمت فى حرم الملك

الاثنين، 22 سبتمبر 2008

عذاب الأمل




فى أحلك لحظات الياس تجد نفسك متمسكا بأمل أخير فى العودة .. و لأنك تعلم أنه الأخير فإنك لا تتخذ أى خطوة لمحاولة تحقيقه ، تفضل أن تعيش بهذا الأمل فى الغيب و المجهول على أن تسعى لتحقيقه فتفشل و يتبدد حلمك بالحياة .. تمام كمن أعطى صندوقا مغلقا و قيل له أنه سيجد سعادته فيه للأبد و لكن إذا أخطأ فى طريقة الفتح فلن يحصل عليه أبدا ففضل أن ينتظر المعجزة التى ستفتحه له على أن يحاول و يخسر .. فضل الحياة بأمل أخير على الموت بسبب فشل هذا الأمل ..
عندما تعلم أن سعادتك معها ولا تذهب إليها .. عندما تعلم أنك لن تقابل مثلها و مع ذلك لا تخبرها بحبك ..
يختلط الأمل باليأس فى مزيج عجيب لينتجا معا خوفا بل رعبا من المجهول فتفضل أن تعيش بأملك فى معجزة تحقق لك حلمك ..
ينطلق صوت الموسيقى فى أذنى فاسرح معها محاولا أن أنسى .. أنسى أملى حتى لا أتعذب بعدم تحققه ، و لكن هيهات أن أنسى .. إننى فقط أرشو قلبى ليهادننى بعض الوقت .. ثم ليبدأ كرته من جديد متى شاء ، فمنذ أن ثار على لم يعد لى عليه سلطان و إنما أصبح هو معذبى ..
أقرر أن أذهب للفراش هروبا من العذاب .. فيأتينى فى أحلامى لأصحو دامعا من الحسرة و العذاب ..!
إهداء :-
إلى ذلك القلب الذى ثار على و لم يستكن .. رفقا بى ، فما أملك شيئا من أمرى

الصورة المرفقة للفنانة نهى حبيشى

السبت، 30 أغسطس 2008

وقع فراق قديم !!



يجلس أمام المكتب فى عيادته تلك واضعا يديه خلف راسه محاولا الاسترخاء فى تلك الدقائق قبل دخول المريض التالى إليه .. يدلف الممرض ليضع أمامه ورقة بها بيانات المريض التالى ، يقرأ الاسم و السن .. " رويدة سليمان " 35 عاما .. يجذبه الاسم إلى ذكرى مضى عليها أكثر من ستة عشر عاما .. يفتح عينيه عن آخرهما ، يعيد قراءة السن .. " 35 عاما ..! " إنه نفس سنه تقريبا .. هل تكون هى ؟! محال .. فهو يعرفها جيدا ، لا تظهر أبدا ضعفها أو ضغطها النفسى لأى شخص فهى قد تتمزق من الحزن و لكن هيهات أن تصارح أحد بذلك .. فليس من المعقول حتى أن تفكر فى الذهاب لطبيب نفسى مثله حتى بعد أن انتشر الطب النفسى فى مصر و أصبح علما ليس منه حرج كما كان فى الماضى ..

تدخل السيدة من الباب لتنتزعه من شكوكه تلك .. ينهض من مكانه فى لهفة و يسرع للباب لاستقبالها و كأنها لازالت تلك المحبوبة التى لا يطيق بعدها عنه للحظة أبدا .. يصافحها بحرارة و تلتقى أعينهما فتخفض هى عينيها فى مزيج من الخجل و الاستسلام و الحزن .. و لكنه يظل معلقا عينيه عليها فى أسف و عتاب و أيضا خوف و حزن على ما فات ..

إنها هى ، رغم مرور السنين مازالت وردة مضيئة تملأ من يراها نورا و حبا .. لا زال يراها تلك الفتاة الجميلة ذات الوجه البرىء و الابتسامة الخجلى عندما يغازلها و يثنى على جمالها .. كم عشق تلك الابتسامة و كم تعمد إحراجها ليرى تورد وجنتيها فيمتلأ نشوة و رضا لوجودها بجانبه ..

يترك يدها و يشير لها بالدخول و الجلوس أمام المكتب ليعرف منها سبب مجيئها ..

آخر ما يعرفه عنها هو زواجها من شاب ميسور الحال سحره جمالها و تقدم لخطبتها فوافقت و اعتقد البعض أنهم تزوجوا عن قصة حب ، و توقع البعض أنه زواج صالونات ليس إلا .. و لكنها ظلت صامتة كالعادة و لم يعرف أحد الحقيقة .. فدائما ما حاوطتها هالة من الغموض لم يستطع أحد اختراقها أبدا ، كان لذلك سحره الخاص على كل من يعرفها و يحاول التقرب منها .. حتى هو لم يستطع الجزم بنيتها فى مواقف كثيرة و كان لذلك بعض الاثر فى انفصالهما ..

بدأت بالكلام بعد السؤال عن حالها و حال الحياة معها .. بدأت تحكى ما حدث بعد انفصالهما و فشل حبهما .. لم تنس يوما جرحها .. لم تستطع يوما أن تحب رجلا آخر بهذه القوة ، قررت أن تتزوج مثل باقى الفتيات عندما جاء العريس المناسب قبلت به و كعادتها بشخصيتها القوية و عنادها استطاعت أن توهم الجميع أنها نسيت كل ما فات و أنها تحيا مثل أى فتاة ، لكن هيهات .. إن الحب لا يأتى إلا مرة واحدة .. حاولت أنتحب ذلك الرجل الذى عشقها و بالفعل أعطاها الكثير ، و لكن كما يقولون " القلب و ما يريد " .. قررت أن تثبت ذاتها و أن تنهمك فى العمل حتى تنسى كل ما فات .. لم يكن سعبا عليها اقناع زوجها أو إرغامه على الموافقة على عملها فهى ذات شخصية قوية جبارة لم تخضع يوما لأحد .. يتعجب كيف كانت تخضع له بحب و إخلاص و تتفانى فى محاولة إطاعته و إسعاده ..

يهتز قلبه ألما ، بقدر ما فرح لرؤيتها بقدر ما تألم لمعرفة أنها لم تنسى حبهما و فشله .. فقد تركها مطمئنا إلى أنها قوية ، عنيدة ، مشاكسة .. لا تقبل أبدا أن يهزمها الجرح أو الحب ، و أنها لن تذكره بعد سنة واحدة .. و عاش هو معذب بشوقه لهاحتى جاء خبر زواجها ليقطع آخر صلة له بوطنه فيقرر تنفيذ رغبته القديمة فى الهجرة .. كم تمنى أن تكون معه فى كندا حيث غرس نفسه هو الآخر فى العمل و فى تحقيق أحلامه .. فإذا كان حلمه الأكبر قد كتب عليه الوأد رضيعا فى الوحل فلا يجب أن تضيع كل أحلامه ، انهمك يدرس و يعمل فى المجال الذى عشقه و الذى تمنى أن يجعلها يوما تفخر به فى مجال الطب النفسى .. بالفعل أثبت جدارته و حصل على شهادات و جوائز عالمية ثم عاد لمصر لتحتفل به جامعته .. و ليفخر به كل الناس إلا واحدة .. كم تمنى ألا يفخر به أحد غيرها فى تلك اللحظة .. كم تمنى أن تكون معه و لا يهمه بعدها أى شىء مما حققه ..!

فى تلك اللحظة دمعت عيناه و هو يتسلم شهادة الدتوراه الفخرية من رئيس الجامعة ، ظن الناس أنها دموع الفرح و لكنها لم تكن يوما دموع فرح .. إنما هى دموع الحزن على فراقها الذى طال ..

تعاود الكلام .. بالفعل نجحت هى الأخرى فى عملها و هذا شىء مفروغ منه .. فطالما عرفها بالمثابرة و العناد ، أصبحت طبيبة أطفال ناجحة ، و لكن .. إنها تمثال منمق لإنسان حزين ، تشعر أنها تظلم كل من حولها .. تظلم زوجها الذى لا يدخر جهدا لإرضائها و مع ذلك فهى لم تحبه يوما .. تظلم أبناءها الذين لا تجد وقتا لرعايتهم بسبب انهماكها فى العمل .. تقول أن إحدى صديقاتها نصحتها بالتوجه له لأنه أفضل طبيب فى تخصصه و أنها ترددت كثيرا فى الذهاب غليه و لكنها قررت أخيرا أن تذهب ل " كارم أحمد " الطبيب و ..

سكتت فجأة و نظرت للأرض بخجل و شجن .. فهم كمالة الجملة دون أن تنطقها فهى قد أتت ل " كارم أحمد " الطبيب و ليس الحبيب .. تذكر أنه طبيب و أنها حالة جاءت طلبا للمساعدة .. يشير لها بالتوجه للفراش الطبى محاولا إخراج تلك الذكريات من رأسه .. تتمدد أمامه منتظرة ، و لكنه لم ينطق بكلمة .. ظل جالسا ينظر إليها و قد دار عراك عنيف بين المحب المشتاق و الطبيب المحايد .. حاول أن يستجمع خبرته كطبيب ليبدأ الكلام ، و أخيرا نطق لسانه ليقول لها " علاجك ليس عندى و إنها اذهبى لأى طبيب آخر فهو أقدر على مساعدتك منى أنا " و اشار لها أن تنهض و هى فى ذهول مما جرى .. نظرت إليه باحتقار و خوف و ذهول و كأنها تقول له هلى تابى مساعتدى حتى تستمتع بكونى معذبة بسببك ؟! حرك عينيه للأرض رغبة عن مواجهتها .. تمشى غلى الباب فى سكوت ذاهل و هو يرمقها بعينيه حتى تصل للباب و تفتحه ، يقول فى نفسه " آسف يا حبيبتى .. ليس بيدى حل آخر " خذلها قديما كحبيب و يخذلها الآن كطبيب ..!

الأحد، 10 أغسطس 2008

كلمة عيب و قهر المجتمع .. موضوع للنقاش



ما معنى كلمة "عيب" ؟!
منذ أن كنا صغارا و نحن تربينا عليها " لا تفعل كذا علشان عيب " " ولد عيب كده " .." ازاى البنت دى تمشى فى الشارع لابسة اللبس ده مش عيب كده " و ملايين عيب كل يوم تمر علينا
و نحن لا حول لنا ولا قوة و قد اكتسبنا هذه الثقافة الآثمة من كثرة ما سمعناها و تربينا عليها فهناك مثل مصرى يقول " الزن على الودن أكثر من السحر " نعم إننى أسميها ثقافة العيب الآثمة
فهذه الكلمة الصغيرة التى نقولها كل يوم آلاف المرات و لانلقى لها بالا هى برأيى من أهم أسباب إنهيار المجتمع العربى
قد ترون بذلك الرأى مبالغة كبيرة و لكن الحق أن هذه الكلمة سببت للإنسان العربى منذ طفولته و حتى يصبح فتى ثم رجلا ثم شيخا أقول لقد سببت حيرة و تشتت نفسى و صراع داخلى رهييييييب للعرب منذ ظهورها و هى كلمة مصطنعة اختلقها الناس ليخنقوا بها أنفسهم بأنفسهم
فهى كقيد حديدى يحد من حركة المجتمع و فكره و تجديده لأنها أزالت الحاجز فى النفوس بين الحلال و الحرام فبتأصل ثقافة العيب فى النفوس زال الفارق بين الحلال و الحرام و مع شمول ثقافة العيب لكل شىء مختلف و جديد - حتى لو كان مباحا- بدأ الناس فى الثورة على هذه الثقافة و لأنهم يجدون أن كل شىء عيب - فاللبس الحديث للشباب عيب و و تسريحات الشعر الحديثة عيب و تطويل الشعر عيب و غيره و غيره .. عيب عيب عيب ..... - فلم تترك هذه الكلمة للناس شيئا ليفعلونه إلا شكلا واحدا فقط من الحياة لتصبح الحياة رتيبة مملة لا روح فيها و لتجرد الناس من كل أساليب المتع الغير محرمة
فاتجه الناس كرد فعل طبيعى للثورة على هذا الإتجاه و الكفر به و الكفر بالعيب و لأنهم لم يجدوا بدلا عنها فى ثقافتهم أو ثقافة مجتمعاتهم المريضة بديلا واضحا من الحلال و الحرام فأصبح كل شىء مباح
فلننظر ما سيكون الحال لو أعطينا للمجتمع بعض الحرية فى إطار الحلال و الحرام فقط
هل ترون معى النتيجة ؟
ستقل نسبة تعاطى المخدرات أولا فى نظرى لأن تعاطى المخدرات ماهى إلا تعبير عن الرغبة فى الهروب من هذه الحياة المملة الموحدة الشكل .. رغبة فى التغيير .. رغبة فى الثورة على المجتمع و عاداته البالية
فتخيل نفسك شابا منطلق تريد الحياة و التجديد لكن أهلك مثلا يفرضون عليك نوعا واحدا من اللبس و شكلا واحدا من تسريحة الشعر كل يوم .. ألن تسعى للحصول على حريتك بطرق غير مشروعة
مثل تعاطى المخدرات أو شرب السجائر أو الزنى إثباتا لنفسك أنك حرا فى تصرفاتك ؟
أما لو وجدت حريتك فى مجتمعك و فى وضح النهار و أمام الناس عن طريق القيام بما تريده من أفعال بسيطة غير محرمة فلن تسعى لمحاولة إثبات حريتك بطرق غير مشروعة مثل التى ذكرتها
لكن أنا ماقلتش اننا هنلغى كل القيد -منعا للخطأ فى الفهم - لكن هنلغى كلمة عيب و نعيد بدلا منها الحلال و الحرام الذان فقدا أهميتهما فى النفوس و حل مكانهما عيب أو مش عيب
مثلا تعود النا س على إقامة سرادق للعزاء و الإتيان بالمقرىء الفلانى أو الفلانى ليقرأ فى العزاء
و من لم يفعل ذلك يبقى عيب جدا و يبقى شايل هم ازاى هيبص للناس بعد كده
أزاى ماعملش فرح ؟! الناس تقول ايه
.. كلمة عيب علمتنا الخوف من الناس أكثر من الخوف من الله
و لأن الناس لا يرونا كل الوقت فأصبحنا نتصرف أمام الناس باحترام و تقوى
أما من وراءهم ... نفعل ما يحلو لنا
تحولنا إلى مجتمع يكون بالنهار مجتمع شيوخ و بالليل مجتمع الغانيات و العاهرات
فنفس الرجل الذى كان نهارا يصلى و يسبح الله أمام الناس هو نفسه الذى يذهب إلى بيوت الدعارة ليلا من وراء الناس
لماذا ؟ لأنه يخاف الناس و لا يخاف الله
لأنننا تربينا على عيييب .. الناس تقول ايه علينا .. لو الناس شافوك بتعمل كده هيقولوا ايه ؟؟!! إلى آخر هذه الأسئلة المعتادة فى حياتنا كل يوم
لذلك أصبحنا نخاف الناس و لا نخاف رب الناس
و هنا أجيب على سؤالى الذى تركته بلا إجابة
ماذا لو ألغينا كلمة عيب و أعدنا بدلا منها حلال و حرام ؟!
سيختفى خوفنا من الناس و يزداد خوفنا من الله الذى يرانا دائما
لأن الناس لا يرونا دائما
أما خوفنا من الله فيجعلنا دائما على خير لأننا نعلم أنه يرانا دائما

ماذا لو ألغينا كلمة عيب التى خنقتنا أزمانا طويلة ؟!
أترك لكم الإجابة بعدما وضحت رأيى
أرجو المشاركة بالرأى
و سوف أعاود الإجابة على السؤال أيضا برأيى بعد أن أترككم تدلون بآرائكم أولا
حتى لا يؤثر رأيى على موضوعيتكم
شكرا

الأحد، 3 أغسطس 2008

العلاقة بين الرجل و المرأة فى الحب


إن العلاقة بين الرجل و المرأة أى كان نوعها قائمة على قانون " الأقطاب المتقابلة تتجاذب " فكلما وضح الفرق بينهما كرجل و امرأة ، كلما كانت قوة العلاقة ، لأن التباين يؤدى لوضوح الرؤية ، فالرجل لن ينظر لرجل مثله و إنما هو يبحث عن المرأة التى يشعر معها برجولته ، التى يكون بجانبها أكثر رجولة ، و أكثر قوة ، و المرأة أيضا مهما كانت فإنها تبجث عن الرجل القوى الذى يشعرها بالأمان و الذى يشعرها بأنوثتها فى آن ، تبحث عن الفارس الذى يحارب من أجلها فإذا وقف عندها نزل عن فرسه و سجد تحت قدميها .. إنها أشبه بقصة عنترة و عبلة ، عنترة الفارس المغوار الذى تخشاه البرارى و هو نفسه المحب الولهان الذى يسجد فى قصر عبلة ، و عبلة الأميرة المطاعة و هى نفسها التى تنسى نفوذها و قوتها و لا تستمد الأمان إلا من حبيبها عنترة .. فكلما شعر الرجل بأنوثتها و شعرت المرأة برجولته زادت قوة الحب ، و عندما تتغير نظرته لها كأنثى ضعيفة و تتغير نظرتها له كرجل قوى .. يقل الحب ...

كل هذا الكلام لن يتقبله إلا الرجال بحق و النساء بحق .. فلن يشعر بذلك و يفهمه إلا من اكتملت مقومات رجولته و ما أقلهم و لن تشعر بذلك إلا من اكتملت مقومات أنوثتها ، و ما أكثرهن...

السبت، 5 يوليو 2008

ذبابة فى رأسه

رائحة الأشياء تتضارب فى رأسه قبل وقوعها .. عندما يريد ألا يفكر فى الأشياء و عواقبها و لكنها تقتحمه عنوة باحتمالات كثيرة مقلقة ..

جلس ممسكا كتابا يقرأه ، وصله صوت من الخارج حول فكره عن كتابه هذا ليفكر فى مصدره .. راح يقلب الاحتمالات فى رأسه حتى اهتدى لمصدر أعاد الى نفسه هدوءها فعاد معها الى كتابه ..

انطلق خياله فى ذكريات مؤلمة و اخرى جميلة ، أو كانت جميلة ثم أصبحت مؤلمة بفعل الزمن ، تأرجح عقله بين هذه الذكريات و بين المستقبل المترتب عليها باحثا عن طريقه للتعامل مع هذه المعطيات فى المستقبل ..

يغرى عقله بالتركيز فى الكتاب .. يشعر بتلك الذبابه تحوم حوله .. شكلها غريب ، تقف على ساقه فيهزها ليطلقها .. ماذا لو كانت حاملة لمرض الملاريا ؟! و لكنه لم يعد له وجود هنا .. ليس هناك شىء مضمون ، تحاول الوقوف عليه مرة أخرى فيهتز قلقا .. يهز رأسه ليتخلص من وساوسه تلك ، ينظر فى كتابه ولا يراه .. فعقله قد انطلق مع صوت تلك الذبابه متابعا اقترابها منه يشعر بها حول رأسه فينفضها لتبتعد عنه .. يسرح خياله فى منظره و هو ملقى على فراشه و قد اصيب بالحمى من جراء لدغتها .. يتذكر منظر مريض الملاريا كما درسه قبل ذلك .. يا للعقل و تفكيره ! هل يجب أن أفكر فى عواقب كل شىء حتى أصاب بالجنون ؟!

عندما يريد ألا يفكر ولا يستطيع .. إنه عذاب الجنس البشرى .. لماذا لم يخلقه الله غبيا لا يقدر عواقب أى شىء ؟!

رائحة الأشياء تقف دائما هناك فى ذلك الجانب من عقله الباطن متأهبة للخروج بوساوسها عند أول فرصة ..

كتب عليه أن يتأرجح عقله بين الماضى و المستقبل ، بين الندم على ما فات و الخوف مما سيكون ..

تعود تلك الذبابة فينظر إليها بحقد مستسلم ، فهى قدره المؤلم الذى يتمنى الخلاص منه و هو بويضتها التى تلقحها لتنتج ما تريد ..

....................

رائحة الأشياء فى كل مكان .. تملأه ، تخترق كيانه .. تصيبه بالغثيان الذى يجب ألا يخرجه .. إنها تعلم ذلك ، لذا فهى لا تخشاه ، مطمئنة إلى اتفاق ضمنى أرغم هو عليه ، أن يتعامل مع قدره الذى لا يريحه منه إلا الموت

الخميس، 26 يونيو 2008

سيمفونية المرأة


إن المرأة آلة موسيقية ، أعظم و أرق آلة على مر التاريخ . إذا استطاع صاحبها أن يعزف عليها بالشكل الصحيح فإنها تخرج روائع بل .. و سيمفونيات خالدة تفوق روميو و جوليت ، أنطونيوس و كليوباترا ....
و لكن ، إنها ليست آلة جامدة لا حياة فيها ، تخرج الروائع لتعطيها للآخرين دون أن تشعرها هى ، بل هى آلة عاقلة ، رومانسية ، لها مشاعرها الرقيقة لذلك فهى لا ترحم من يعزف عزفًا خاطىءً على أوتارها لانه يؤلمها . فهى تحاول أولا أن تعطيه الفرصة ليعزف العزف الصحيح و لكن إذا لم يستطع فإنها تتحول عن الرقة و الحب إلى .. الكره لتعطيه أقبح السيمفونيات التى قد تتحول إلى سيمفونيات قاتلة ( و هذا ـ فى نظرى ـ أول أسباب حوادث المرأة التى نسمع عنها ) فبسبب العزف الخاطىء ، القاسى لشخصٍ ما على أحد أوتارها أدى إلى قطعه أو جرحه فكشرت عن أنيابها لتنتقم منه ، بل و أحيانا من كل الناس .
أما عن الذى لا يحاول أن يعزف من الأساس أو يفضل عدم العزف و الإبتعاد عنها و الإستمتاع بموسيقاها من بعيد و الحكم عليها دون أن يكون طرف فى العزف فهو بالنسبة لها شخص محايد ـ لا حبيب ولا عدو ـ و لكن ذلك لا يمنع فى بعض الأحيان إلقاء بعض لعناتها عليه لأنه فى نظرها " ليس عنده نظر " لأنه لا يقدر جمالها و لم يحاول أن يعزف عليها ، ولكنه فى النهاية محايد .
أما عن أحبائها ، فهم ليسوا فى مأمن أيضا . فقد تنقلب عليهم أحيانا إذا مسوا أحد الأوتار المقطوعة أو الجريحة لأنها لا تنسى جروحها أبدًا مهما طال الزمن .
و لا أجد أفضل من كلام الرسول صلى الله عليه و سلم لكى أستشهد به فهو (صلى الله عليه وسلم ) أخبر الخلق بأمور النفس و هو أفضل مربى فى التاريخ .
أستشهد بهذا الكلام الخالد من رجل علمه الله عز و جل ، فعن المرأة يقول (صلى الله عليه و سلم ) : " أوصيكم بالنساء خيرًا ، فإنهن من ضلع أعوج و إن أعوج ما فى الضلع رأسه ، إن أنت أتيت تقومه كسرته و إن أنت تركته استمتعت به على عوجه "
. صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم )
فقد كان و لايزال ـ إن صح التعبير و إن لم يكن فيه إهانة لحضرته صلى الله عليه وسلم ـ أعظم عازف على أوتار النفس البشرية و أعظم مكتشف للأوتار الخفية فيها . فهو حقا : " علمه شديد القوى ، ذو مرة فاستوى " صدق الله العظيم
و الحمد لله الذى أهدانا المرأة لتخفف عنا عناء الحياة برقتها و عذوبتها فقد كانت هدية عظيمة من الخالق العظيم فى أول عيد ميلاد بشرى ، عيد ميلاد آدم عليه السلام . فلنتعلم كيف نصون هذه الهدية الخالدة ، هذه الآلة الرقيقة . و كيف نخرج منها الروائع و نتجنب كيدها ( نعوذ بالله من شرها ) ، بل و كيف نربى آلاتنا الصغيرة و نعد فيهن الأوتار الرقيقة الجميلة و أن نهدم الأوتار السيئة التى تخرج الأصوات القبيحة مستعينين فى ذلك بالله و بتعاليم الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) ، والله المستعان .
فهذه كلمات أرجو أن أكون قد وفقت فيها و أن أكون محايدا فيها لأن التاريخ قد أثبت لنا أن أكثر الناس إفادة للمرأة هم المحايدين لها ، ليسوا أحباءها الذين لا يرون أخطاءها ، ولا الأعداء الذين قتلوها و عذبوها . و إنما الذى يقف بعيدا هو الأقدر على وصفها و تقويمها و إفادتها .......


كريم حبيشى

الاثنين، 23 يونيو 2008

لحظة بدون عنوان


يترنح فى مشيته فى ذلك الشارع الخالى تماما إلا من بعض العائدين من صلاة الفجر .. ضامما يديه على صدره و محاولا التركيز أثناء السير حتى لا يقع أو يصطدم بشىء ، يرى كل ما حوله كأنه نابع من بئر عميق بداخل عينيه .. زاد من هذا الاحساس عتامة المنظار الطبى الذى استقر فوق أنفه فجعله يرى أضواء العواميد مشعة فى كل اتجاه على زجاج النظارة ، فجأة انتبه لمرور سيارة تاكسى بجواره ، إن هذا هو بغيته الوحيدة الآن و لكنه لم يلحق به ، فهو لم ينتبه إلا بعد أن كان قد ابتعد عنه .. عزم أمره أن يجمع تركيزه حتى لا تفوته فرصة كهذه ثانية ، ماهى إلا ثوانى و رأى سيارة قادمة من نهاية الشارع .. حاول التركيز فى لونها ليتأكد أنها تاكسى ، ظل ناظرا إليها باذلا جهدا كبيرا فى التركيز ، لم يستوعب أنها تاكسى إلا بعد اقترابها منه ببضع خطوات .. أشار للسائق فوقف له .. قاطعا تلك المسافة القصيرة إلى مكان توقف السيارة ناوبه إحساس مبهم بأنه علم أنها سيارة تاكسى قبل أن يشعر بأنه علم ذلك ، يساغرب من تأخر إدراكه و تأخر رد فعله لهذه الدرجة .. يحاول فتح باب السيارة و لكن لا يستطيع ، لا يحاول التجربة مرة أخرى ، انتظر حتى فتح له السائق الباب .. دخل السيارة و اغلق الباب ملقيا السلام على السائق مخبرا إياه بوجهته و هى " موقف الجامعة يا باشا " ، ينطلق السائق بادئا كلامه الذى لم يسمع منه شيئا و لم يركز فيه ، فهو فاقد للتركيز البشرى الآن .. يفكر فى سبب هذه الحالة الغريبة ، يتذكر أنه قد استسلم للنوم الليلة الماضية أو لنقل الساعات الماضية قبل ساعتين فقط و استيقظ مسرعا على صوت المنبه ليلحق بذلك الموعد فى بلده التى تبعد ساعة عن تلك البلد .. ينظر بين حين و آخر ملقيا إليه الابتسامات على كلامه أو معقبا عليه بكلمات مثل " آه ، بجد ، و الله ! " ينبهه السائق أنهم قد وصلوا لوجهته .. يخرج المال من جيبه ليعطيه للسائق ، يخرج من السيارة ، مارا بعرض الشارع ليصل لمكان وقوف تلك السيارة التى يصيح صاحبها " بنها ، بنها ، بنها " سائلا السائق لكى يتأكد " بنها يا باشا ؟!" ، " اركب يا بيه " بدخل للسيارة جالسا فى المقعد الثانى خلف السائق بجوار النافذة ، راكنا رأسه على النافذة المغلقة ، ثم يخرج الأجرة من جيبه لتكون جاهزة حتى لا يتكلف عناء الحركة مرة أخرى أثناء سير السيارة .. ما إن أسند رأسه مرة أخرى للنافذة حتى شعر و كأنه أصبح فى عالم آخر ، عالم موازى لهذا العالم .. يرى الناس و يسمعهم و لكنه لا يعتقد أنه يفهم أو يدرك أى شىء مما يدور حوله ، هنا تدرك حقيقة الحياة .. هنا تعلم أنك تعيش فى حلم ، لا تستطيع إدراك ذلك إلا عندما تخرج منه ، إنه الآن يرى الحياة و الناس و الأشياء من حوله كأنها حلم كبير .. ذلك الرجل الذى دلف لمؤخرة السيارة حاملا " سبت " صغير به بعض الخضروات ، هذا الرجل الذى يجلس أمامى الذى ينظر للرجل الأول باشمئزاز .. يريد أن يضحك لكنه لا يستطيع ، لا تسعفه قواه الانفعالية لذلك الآن .. تدلف تلك الفتاة لتجلس بجانبه ، بعد جهد و عزيمة كبيرة يعتدل فى جلسته لكى يترك لها مساحة مريحة للجلوس ، تضع تلك الحقيبة الكبيرة بجواره أولا حتى تدخل هى بعدها ، تحاول رفع الحقيبة لتضعها على فخذيها ، يشعر أنها فى موقف صعب ، يود مساعدتها لكنه لا يستطيع ، ربما إن قابلها فى وقت آخر سوف يساعدها .. عذرا اليك سيدتى ، لكننى غير مستعد الآن لفعل أى شىء .. يفكر ، " فوتى علينا بكرة يا هانم " يبتسم فى دخيلة نفسه ، فعضلاته غير قادرة حتى على جهد الابتسام .. يريح رأسه مرة أخرى على النافذة .. هذه المرة تختلط أحلامه هو بأفكاره المشتتة ، بذكريات الليلة الماضية ، بالمناظر التى يراها من زجاج السيارة مكونة معا خليطا عجيبا من النشوة الممزوجة بالجهد و شىء من الجنون يزيد من تشتته ، خلد فى هذه الحالة مدة لا يعرفها قصرت أم طالت ، على كل حال لقد فاق على صوت السائق يقول " مين اللى مادفعش يا بهوات " متذكرا أنه لم يدفع الأجرة .. يمد يده بالأجرة للذى يجلس أمامه ، يريد أن يعتذر للسائق عن تأخره لكن يفوز أيضا الكسل .. احساس غريب أن يدفعك كسلك للاستسلام له ، يصبح كل شىء عادى جدا ، لأنك لن تتكلف عناء أن تجلعه غير عادى ، لكنه لم ينم حتى لا يلحظ حركة جمع الأجرة بين الركاب ، ينظر من النافذة ، يتأكد انه كان يرى تلك المناظر من حوله فكيف نام إذا ؟! هل من المعقول أن يكون نام مفتح العينين ؟! يمكن .. قد ينام عقله و عينيه مفتحة ..
ينتبه لتوقف السيارة ، تستعد تلك الفتاة للنزول .. يلمح دبلة فى اصبعها ، لا يحدد إذا كان فى اليمين أم اليسار ، ترى هل هى متزوجة ؟! هل مخطوبة ؟! هل لا هذا و لا ذاك و إنما هى فقط تحاول التخلص من المتطفلين بارتداء هذه الدبلة ؟! يسرح لفترة قصيرة فى أفكار طفولية عنها تكون قد غادرت خلالها تلك الفتاة السيارة .. يعود للنظر من الزجاج و هو ساندا عليه رأسه .. يغرق هذه المرة فى نوم ممزوج باليقظة ، يشعر أنه نائما ، و لكنه يرى الناس و الأشياء فى الشارع ، يلحظ لافته وضع عليها " مدينة بنها ترحب بكم " علم أنه ظل فى هذه الحالة ما يقارب ثلث الساعة منذ نزلت تلك الفتاة حتى وصل لبنها .. يحاول أن يبقى يقظا حتى يصل لمكان التوقف ، لكنه بعد دقيقة مرت عليه كساعة من شدة صراعه مع النوم يدرك أنه لا فائدة من المقاومة ، يستسلم داعيا الله ألا يغرق فى النوم ..
يستعيد ادراكه مع التفاف السيارة قبل دخول الموقف ، يستعد للنزول بعد دقيقة ، لكنها طالت عليه فعاد لسكونه و استرخائه مرة أخرى ، توقفت السيارة أخيرا .. فتح الباب و بدأ الجميع بالنزول ، لقد نزل من يركبون خلفه ، لا يجب أن يخرج الأخير من السيارة ، فليستجمع قواه لينزل قبل هؤلاء الذين يجلسون فى الصف الأخير .. يخرج من السيارة ليجد نفسه كالتائه ، و كأنه طفل صغير لا يعرف الاتجاهات و لا يستطيع ادراك ما حوله .. تماما كمن أخذ جرعة حشيش لتوه .. بعد جهد ذهنى كبير يستطيع تحديد وجهته لتلك السيارة التى ستأخذه ـ إن شاء الله ـ إلى حيث يريد ...



كريم حبيشى