الخميس، 5 مايو 2011

ثقافة المصادرة .. و صدقت النبوءة !

منذ يومين خرج علينا خبر بدا جيدا للكثيرين بل و نشره الكثير مصحوبا بجمل من نوعية الله أكبر ، و عظيمة يا مصر .. و ظهر الحق و إلى غير ذلك من الجمل التى تدل على الفرح و الغبطة الشديدة بالخبر

الخبر هو خبر منع القبلات و الأحضان بالتليفزيون المصرى .. و بصرف النظر عن هذه الاشاعة التى خرجت خصيصا للاستهلاك العام و شغل الناس بها و تقديم قربان لجماعات معينة لكسب ودهم ، و بصرف النظر عن أن أى شخص ممن سمع الخبر و فرح به هو فى الاساس لا يعلم أن التليفزيون المصرى و منذ عدة سنوات لا يعرض لقطات القبلات و الاحضان و إلى غيرها لدرجة أن وصل الحال فى بعض الأفلام أنك تفاجأ بالمشهد يتحول فجأة ولا تدرى ان كان هذا هو المسار الطبيعى للفيلم أم انه قد تم حذف جزء كبير فتخرج فى النهاية لا تفهم ماذا كانت قصة الفيلم و ماذا حدث نتيجة الحذف المتكرر لمشاهد كاملة مليئة بالكلام و الأحداث و كانت هذه الفكرة تذكرنى بالصعيدى الذى قطع ذراعه ليتخلص من ألم فى الاصبع الصغير

ما علينا .. و بصرف النظر عن اتفاقى 100 % على نبل الفكرة و جمال الحلم بعالم خالى من الرذيلة و لكنى مؤمن تمام الايمان بأننا اصبحنا فى وقت لا يجوز فيه المصادرة لأى فعل أيا كان فقد اصبحنا فى عالم تعداد سكانه تعدى ال 6 مليارات .. أكثر من 5مليارات يستطيعون الولوج لعدد غير محدود من وسائل الاعلام سواء المرئية أو المسموعة أو المقروءة .. أكثر من 3 مليارات منهم يشاهدون بشكل أو بآخر عدد لا محدود من القنوات الفضائية المفتوحة على كل جهات الأرض و كل الثقافات المختلفة بحلوها و مرها .. و ما يقرب مليارين منهم و هذا هو الاهم يملكون أجزة كمبيوتر موصولة بشبكة الانترنت أو الشبكة العنكوبوتية التى لو بلغ أكثر الناس ذكاءا و قدرة لما استطاع حجب أى شىء عليها حجبا كاملا .. الجميل فى الموضوع أن هذه الشبكة العنكوبية يتم يوميا عليها انشاء أكثر من 250 ألف موقع اباحى أو جنسى أو مرتبط بالجنس و الجميل أن هذه المواقع تمثل أعلى نسبة زيارة يوميا على مستوى العالم عامة و على مستوى العالم العربى خاصة تتجاوز النسب كل التوقعات .. لذلك و قبل أن تتهمنى بالدعوة للرذيلة و حب الفحشاء ، و قبل أيضا أن يتطور الامر لتكفرنى كما أصبح سهلا عند البعض هذه الايام أن يصف أى مخالف لرأيه بالكفر و عداوة الرسول أعرض عليك هذا الكلام

ما أعرضه عليك هو كلام قد تذكرته بمحض الصدفة اليوم و أنا اقلب بمدونتى المنحوسة و تذكرت أنى و منذ 3 سنوات كتبت مقالا أنا نفسى تعجبت منه عندما قرأته الآن لأننى وجدته كنبوءة قد تحققت على أرض الواقع بالفعل .. وجدته و كأنه يتحدث عما يحدث الآن فى مصر عامة و فى موضوع ثقافة المصادرة التى انتشرت و الحمد لله كالنار فى الهشيم فى جسد مصرنا الغالية

لا أدعى أننى صاحب فكر ولا صاحب رؤية نافذة للمستقبل و لكنى كمواطن غلبان حلم يوما أن يكون كاتبا و لم تواتيه الفرصة حتى الآن ، لا أستطيع أن أمنع نفسى من الغبطة و من الاحساس بنفسى عندما أقرأ كلاما لى منذ 3 سنوات يبدو و كأنه كان توقع للأحداث و يبدو و كأنه يصلح لكل الأوقات خاصة وقتنا هذا .. أتركك مع الكلام القديم فى ثيابه الجديدة و أترك لك التعليق فى النهاية

المقال كتبته بعنوان " ثقافة المصادرة " فى 26 سبتمبر 2008

و هذا هو لينك المقال على مدونتى القديمة ان اردت التأكد من صدق كلامى

http://tagallyat.blogspot.com/2008/09/blog-post_9936.html

ا

(

فتحت الفيس بوك لألقى نظرة على الجديد عندى و بينما أقلب فى الدعوات المرسلة لى من أصدقائى وجدت دعوة للانضمام لجروب باسم " حملة حجب المواقع الاباحية " فى بادىء الأمر ضغطت زر قبول الانضمام دون وعى كما أفعل كل مرة على الفيس بوك و لكنى عدت إليها مرة أخرى فتفكرت فى الأمر فإذا بى ألغى اشتراكى فى الجروب .. قد يقول البعض الآن ماذا أريد أن اقول و لماذا ألف و أدور عليكم و أوجع دماغكم الكريمة المليئة بالمشاريع الفيسبوكية و التدوينية و غيرها ..

و قد يقول البعض "و انا مالى و مال الدعواتبتاعتك عالفيس بوك تقبل ولا ترفض مال أهلى أنا ؟؟ " الموضوع ليس مجرد رفض أو قبول دعوة لحجب المواقع الاباحية الموضوع موضوع فكر .. إننا بحجب المواقع الإباحية ننصدر قرارا تعسفيا بالقوة الجبرية لن نجنى منه شيئا سوى انتشار مافيا تجارة المتعة و غلاء أسعار المجلات و الأفلام الاباحية فى السوق السوداء و لن نستطيع منع الناس من شرائها ..لأننا مهما حاولنا أن نغير أى شىء بالقوة فلن يتغير .. بالعكس سيصبح له لذة أعظم لأنه ممنوع ، و الممنوع مرغوب

فليست المصادرة حلا فى أى شىء .. إن المصادرة لهى استبداد بالفكر .. مصادرة كتاب كمصادرة مجلات إباحية كمصادرة فكرة ثورية لن نجنى شيئا من وراء المصادرة سوى أن نزيد المشكلة و ننشرها بدون قصد على نطاق أوسع .. و لكن كما يقول الشاعر " لا يفل الحديد إلا الحديد " فايضا لا يمكن محاربة فكرة إلا بفكرة مثلها ولا يمكن محاربة الفاحشة إلا بالفضيلة .. فعندما أصدر طه حسين كتابه عن العصر الجاهلى و ما تلاه من ثورة عليه و مطالبة بقتله و اتهام بكفره و مطالبة بمنعه من الكتابة و مصادرة كتابه هذا ، وقف العملاق عباس العقاد و كان نائبا فى البرلمان وقتها .. وقف ثائرا محتجا محاربا كل من قال بمصادرة الكتاب – رغم أنه كان من أشد المعادين للكتاب – وقف ليقول أنه لم و لن يسمح بمصادرة فكر مهما كان و أن من يرى أن افكار الكتاب سيئة فليحاربها بفكر مثلها و ليس بمصادرتها ، فإنما المصادرة ضعف و ستثبت صدق الكتاب و لكن يجب أن يقرأ الناس الكتاب و يقرأون أ]ضا نقده و الرد عليه .. كان هذا رأى العقاد كاتب الحرية عن المصادرة ..

لذلك فإذا أردنا أن نمنع شيئا سيئا فلا بد أن نحاربه بالفكر و ليس بالمصادرة

فبالنسبة للمواقع الاباحية فلن يجدى معها مصادرة و حجب و لن تفيد الناس بل بالعكس سيكون جيلا هشا قد يمشى على الفضيلة مغصوبا و لكنه ما إن يرى شيئا جديدا إذا سافر للخارج و رئى العرى و الفجر فلن يلبس أن ينغمس فيه و نحن لا نريد جيلا ضعيفا و إنما نريد أن نجعلهم يمتنعون عن الفاحشة بعزيمتهم و إرادتهم فبدلا من المصادرة يجب أن تنشر وسائ الإعلام فى الناس خوف الله و تعلمهم بمخاطر هذه الفواحش فيمتنعون عن ذلك بإرادتهم و يصبحون جيلا من العظماء الذين يتحدون العالم لأنهم نجحوا أولا فى تحدى غرائزهم الحيوانية

لا أريد أن أطيل أكثر من ذلك و إنما هو شىء استفزنى فأردت أن أوضحه لكم .. فنحن كل يوم نطالب حكوماتنا بإعطائنا الحرية و لكن يبدو أن ثقافة المصادرة قد تفشت فينا حتى النخاع .. أخشى ما أخشان أن نتسلم حكم ذاتنا يوما فلا نستطيع أن نحرر أنفسنا من ثقافتنا المتخلفة و نظل نقمع أنفسنا على غرار أزمان من القهر و المصادرة حتى أصبحا جزءا من شخصيتنا ..

)

انتهى نص الكلام المكتوب منذ 3 سنوات

و قد تحققت النبوءة بتسلم الشعب المصرى لذمام اموره بعد ثورته العظيمة على الطغيان و فوجئت بأن ما تخوفت منه منذ 3 سنوات قد تم بالفعل و انتصر تيار المصادرة و التكفير و عدنا سنينا الى الوراء من جراء ثقافة مصادرة زرعت فينا لقرون و قرون و بعد ان انتهى مقص الرقيب وجدنا انفسنا نطالب بعودة رقيب أشد و أقفتك

و بعد انتهاء زمن مصادرة الكتب من أمن الدولة

وصلنا لمصادرة من أمن الوهابية

أخشى ما أخشاه الآن هو ألا نستطيع بالفعل التخلص من هذا الفكر المتعمق فينا

فى النهاية يحق لى بما أنك أتيت الى هنا برجليك و بما انى لا أجد غضاضة فى انتهاز فرصة وجودك هنا و التى لا تتكرر يحق لى توجيه كلمة أخيرة لكل من شرفنى بقراءة هذا الكلام

مصر أعظم وأبقى من ارادة شخص أو مصلحة مجموعة أو تيار

مصر أغلى و أكبر من تشدد فئة أو جهل فئة أخرى

لذلك أتوجه بالكلمة لكل من يحمل جنسية هذا البلد العظيم .. فلنكف عن استيراد الافكار و التيارات و الشيع من الخارج

و لنعتز بمصريتنا و بتسامحنا المعتاد و لنعود كما كنا دائما مصريين

لا مسلم ولا مسيحى ولا شيعى ولا بهائى ولا كردى

فلمصلحة من يتم الآن تشييع الناس و تقسيمهم ؟؟

لم نسمع من قبل على مدى مئات السنين أن مصر يوصف فيها شخص بغير أنه مصرى .. و فى أقصى عقود انقسام المسلمين بين خوارج و علويين و شيعة و سنة و صراع كل منهم على الامارة كانت مصر الولاية الوحيدة التى احتفظ اهلها بوحدتهم

اتقوا الله فى مصر .. اتقوا الله فى مصر

أنا مسلم و يكفينى و ليحاسبنى الله يوم القيامة بما أكنه فى نفسى سواء بخير أو بشر

و لتكف كل فئة عن محاولة ادعاء أنها هى الفئة الواحدة التى ستدخل الجنة من المسلمين على غرار الحديث الشريف للرسول صلى الله عليه و سلم أن الاحدى و سبعين فئة سيكنون فى النار الا فئة واحدة

و ليفصل الله بيننا يوم القيامة و لكن الآن و فى الحياة الدنيا و على الارض فهذا هو وقت العمل و ليس وقت الحساب

هذا هو وقت الاجتماع لا الاختلاف

و الله على ما أقول شهيد

كريم حبيشى

ليست هناك تعليقات: