السبت، 5 يوليو 2008

ذبابة فى رأسه

رائحة الأشياء تتضارب فى رأسه قبل وقوعها .. عندما يريد ألا يفكر فى الأشياء و عواقبها و لكنها تقتحمه عنوة باحتمالات كثيرة مقلقة ..

جلس ممسكا كتابا يقرأه ، وصله صوت من الخارج حول فكره عن كتابه هذا ليفكر فى مصدره .. راح يقلب الاحتمالات فى رأسه حتى اهتدى لمصدر أعاد الى نفسه هدوءها فعاد معها الى كتابه ..

انطلق خياله فى ذكريات مؤلمة و اخرى جميلة ، أو كانت جميلة ثم أصبحت مؤلمة بفعل الزمن ، تأرجح عقله بين هذه الذكريات و بين المستقبل المترتب عليها باحثا عن طريقه للتعامل مع هذه المعطيات فى المستقبل ..

يغرى عقله بالتركيز فى الكتاب .. يشعر بتلك الذبابه تحوم حوله .. شكلها غريب ، تقف على ساقه فيهزها ليطلقها .. ماذا لو كانت حاملة لمرض الملاريا ؟! و لكنه لم يعد له وجود هنا .. ليس هناك شىء مضمون ، تحاول الوقوف عليه مرة أخرى فيهتز قلقا .. يهز رأسه ليتخلص من وساوسه تلك ، ينظر فى كتابه ولا يراه .. فعقله قد انطلق مع صوت تلك الذبابه متابعا اقترابها منه يشعر بها حول رأسه فينفضها لتبتعد عنه .. يسرح خياله فى منظره و هو ملقى على فراشه و قد اصيب بالحمى من جراء لدغتها .. يتذكر منظر مريض الملاريا كما درسه قبل ذلك .. يا للعقل و تفكيره ! هل يجب أن أفكر فى عواقب كل شىء حتى أصاب بالجنون ؟!

عندما يريد ألا يفكر ولا يستطيع .. إنه عذاب الجنس البشرى .. لماذا لم يخلقه الله غبيا لا يقدر عواقب أى شىء ؟!

رائحة الأشياء تقف دائما هناك فى ذلك الجانب من عقله الباطن متأهبة للخروج بوساوسها عند أول فرصة ..

كتب عليه أن يتأرجح عقله بين الماضى و المستقبل ، بين الندم على ما فات و الخوف مما سيكون ..

تعود تلك الذبابة فينظر إليها بحقد مستسلم ، فهى قدره المؤلم الذى يتمنى الخلاص منه و هو بويضتها التى تلقحها لتنتج ما تريد ..

....................

رائحة الأشياء فى كل مكان .. تملأه ، تخترق كيانه .. تصيبه بالغثيان الذى يجب ألا يخرجه .. إنها تعلم ذلك ، لذا فهى لا تخشاه ، مطمئنة إلى اتفاق ضمنى أرغم هو عليه ، أن يتعامل مع قدره الذى لا يريحه منه إلا الموت

ليست هناك تعليقات: