السبت، 30 أغسطس 2008

وقع فراق قديم !!



يجلس أمام المكتب فى عيادته تلك واضعا يديه خلف راسه محاولا الاسترخاء فى تلك الدقائق قبل دخول المريض التالى إليه .. يدلف الممرض ليضع أمامه ورقة بها بيانات المريض التالى ، يقرأ الاسم و السن .. " رويدة سليمان " 35 عاما .. يجذبه الاسم إلى ذكرى مضى عليها أكثر من ستة عشر عاما .. يفتح عينيه عن آخرهما ، يعيد قراءة السن .. " 35 عاما ..! " إنه نفس سنه تقريبا .. هل تكون هى ؟! محال .. فهو يعرفها جيدا ، لا تظهر أبدا ضعفها أو ضغطها النفسى لأى شخص فهى قد تتمزق من الحزن و لكن هيهات أن تصارح أحد بذلك .. فليس من المعقول حتى أن تفكر فى الذهاب لطبيب نفسى مثله حتى بعد أن انتشر الطب النفسى فى مصر و أصبح علما ليس منه حرج كما كان فى الماضى ..

تدخل السيدة من الباب لتنتزعه من شكوكه تلك .. ينهض من مكانه فى لهفة و يسرع للباب لاستقبالها و كأنها لازالت تلك المحبوبة التى لا يطيق بعدها عنه للحظة أبدا .. يصافحها بحرارة و تلتقى أعينهما فتخفض هى عينيها فى مزيج من الخجل و الاستسلام و الحزن .. و لكنه يظل معلقا عينيه عليها فى أسف و عتاب و أيضا خوف و حزن على ما فات ..

إنها هى ، رغم مرور السنين مازالت وردة مضيئة تملأ من يراها نورا و حبا .. لا زال يراها تلك الفتاة الجميلة ذات الوجه البرىء و الابتسامة الخجلى عندما يغازلها و يثنى على جمالها .. كم عشق تلك الابتسامة و كم تعمد إحراجها ليرى تورد وجنتيها فيمتلأ نشوة و رضا لوجودها بجانبه ..

يترك يدها و يشير لها بالدخول و الجلوس أمام المكتب ليعرف منها سبب مجيئها ..

آخر ما يعرفه عنها هو زواجها من شاب ميسور الحال سحره جمالها و تقدم لخطبتها فوافقت و اعتقد البعض أنهم تزوجوا عن قصة حب ، و توقع البعض أنه زواج صالونات ليس إلا .. و لكنها ظلت صامتة كالعادة و لم يعرف أحد الحقيقة .. فدائما ما حاوطتها هالة من الغموض لم يستطع أحد اختراقها أبدا ، كان لذلك سحره الخاص على كل من يعرفها و يحاول التقرب منها .. حتى هو لم يستطع الجزم بنيتها فى مواقف كثيرة و كان لذلك بعض الاثر فى انفصالهما ..

بدأت بالكلام بعد السؤال عن حالها و حال الحياة معها .. بدأت تحكى ما حدث بعد انفصالهما و فشل حبهما .. لم تنس يوما جرحها .. لم تستطع يوما أن تحب رجلا آخر بهذه القوة ، قررت أن تتزوج مثل باقى الفتيات عندما جاء العريس المناسب قبلت به و كعادتها بشخصيتها القوية و عنادها استطاعت أن توهم الجميع أنها نسيت كل ما فات و أنها تحيا مثل أى فتاة ، لكن هيهات .. إن الحب لا يأتى إلا مرة واحدة .. حاولت أنتحب ذلك الرجل الذى عشقها و بالفعل أعطاها الكثير ، و لكن كما يقولون " القلب و ما يريد " .. قررت أن تثبت ذاتها و أن تنهمك فى العمل حتى تنسى كل ما فات .. لم يكن سعبا عليها اقناع زوجها أو إرغامه على الموافقة على عملها فهى ذات شخصية قوية جبارة لم تخضع يوما لأحد .. يتعجب كيف كانت تخضع له بحب و إخلاص و تتفانى فى محاولة إطاعته و إسعاده ..

يهتز قلبه ألما ، بقدر ما فرح لرؤيتها بقدر ما تألم لمعرفة أنها لم تنسى حبهما و فشله .. فقد تركها مطمئنا إلى أنها قوية ، عنيدة ، مشاكسة .. لا تقبل أبدا أن يهزمها الجرح أو الحب ، و أنها لن تذكره بعد سنة واحدة .. و عاش هو معذب بشوقه لهاحتى جاء خبر زواجها ليقطع آخر صلة له بوطنه فيقرر تنفيذ رغبته القديمة فى الهجرة .. كم تمنى أن تكون معه فى كندا حيث غرس نفسه هو الآخر فى العمل و فى تحقيق أحلامه .. فإذا كان حلمه الأكبر قد كتب عليه الوأد رضيعا فى الوحل فلا يجب أن تضيع كل أحلامه ، انهمك يدرس و يعمل فى المجال الذى عشقه و الذى تمنى أن يجعلها يوما تفخر به فى مجال الطب النفسى .. بالفعل أثبت جدارته و حصل على شهادات و جوائز عالمية ثم عاد لمصر لتحتفل به جامعته .. و ليفخر به كل الناس إلا واحدة .. كم تمنى ألا يفخر به أحد غيرها فى تلك اللحظة .. كم تمنى أن تكون معه و لا يهمه بعدها أى شىء مما حققه ..!

فى تلك اللحظة دمعت عيناه و هو يتسلم شهادة الدتوراه الفخرية من رئيس الجامعة ، ظن الناس أنها دموع الفرح و لكنها لم تكن يوما دموع فرح .. إنما هى دموع الحزن على فراقها الذى طال ..

تعاود الكلام .. بالفعل نجحت هى الأخرى فى عملها و هذا شىء مفروغ منه .. فطالما عرفها بالمثابرة و العناد ، أصبحت طبيبة أطفال ناجحة ، و لكن .. إنها تمثال منمق لإنسان حزين ، تشعر أنها تظلم كل من حولها .. تظلم زوجها الذى لا يدخر جهدا لإرضائها و مع ذلك فهى لم تحبه يوما .. تظلم أبناءها الذين لا تجد وقتا لرعايتهم بسبب انهماكها فى العمل .. تقول أن إحدى صديقاتها نصحتها بالتوجه له لأنه أفضل طبيب فى تخصصه و أنها ترددت كثيرا فى الذهاب غليه و لكنها قررت أخيرا أن تذهب ل " كارم أحمد " الطبيب و ..

سكتت فجأة و نظرت للأرض بخجل و شجن .. فهم كمالة الجملة دون أن تنطقها فهى قد أتت ل " كارم أحمد " الطبيب و ليس الحبيب .. تذكر أنه طبيب و أنها حالة جاءت طلبا للمساعدة .. يشير لها بالتوجه للفراش الطبى محاولا إخراج تلك الذكريات من رأسه .. تتمدد أمامه منتظرة ، و لكنه لم ينطق بكلمة .. ظل جالسا ينظر إليها و قد دار عراك عنيف بين المحب المشتاق و الطبيب المحايد .. حاول أن يستجمع خبرته كطبيب ليبدأ الكلام ، و أخيرا نطق لسانه ليقول لها " علاجك ليس عندى و إنها اذهبى لأى طبيب آخر فهو أقدر على مساعدتك منى أنا " و اشار لها أن تنهض و هى فى ذهول مما جرى .. نظرت إليه باحتقار و خوف و ذهول و كأنها تقول له هلى تابى مساعتدى حتى تستمتع بكونى معذبة بسببك ؟! حرك عينيه للأرض رغبة عن مواجهتها .. تمشى غلى الباب فى سكوت ذاهل و هو يرمقها بعينيه حتى تصل للباب و تفتحه ، يقول فى نفسه " آسف يا حبيبتى .. ليس بيدى حل آخر " خذلها قديما كحبيب و يخذلها الآن كطبيب ..!

الأحد، 10 أغسطس 2008

كلمة عيب و قهر المجتمع .. موضوع للنقاش



ما معنى كلمة "عيب" ؟!
منذ أن كنا صغارا و نحن تربينا عليها " لا تفعل كذا علشان عيب " " ولد عيب كده " .." ازاى البنت دى تمشى فى الشارع لابسة اللبس ده مش عيب كده " و ملايين عيب كل يوم تمر علينا
و نحن لا حول لنا ولا قوة و قد اكتسبنا هذه الثقافة الآثمة من كثرة ما سمعناها و تربينا عليها فهناك مثل مصرى يقول " الزن على الودن أكثر من السحر " نعم إننى أسميها ثقافة العيب الآثمة
فهذه الكلمة الصغيرة التى نقولها كل يوم آلاف المرات و لانلقى لها بالا هى برأيى من أهم أسباب إنهيار المجتمع العربى
قد ترون بذلك الرأى مبالغة كبيرة و لكن الحق أن هذه الكلمة سببت للإنسان العربى منذ طفولته و حتى يصبح فتى ثم رجلا ثم شيخا أقول لقد سببت حيرة و تشتت نفسى و صراع داخلى رهييييييب للعرب منذ ظهورها و هى كلمة مصطنعة اختلقها الناس ليخنقوا بها أنفسهم بأنفسهم
فهى كقيد حديدى يحد من حركة المجتمع و فكره و تجديده لأنها أزالت الحاجز فى النفوس بين الحلال و الحرام فبتأصل ثقافة العيب فى النفوس زال الفارق بين الحلال و الحرام و مع شمول ثقافة العيب لكل شىء مختلف و جديد - حتى لو كان مباحا- بدأ الناس فى الثورة على هذه الثقافة و لأنهم يجدون أن كل شىء عيب - فاللبس الحديث للشباب عيب و و تسريحات الشعر الحديثة عيب و تطويل الشعر عيب و غيره و غيره .. عيب عيب عيب ..... - فلم تترك هذه الكلمة للناس شيئا ليفعلونه إلا شكلا واحدا فقط من الحياة لتصبح الحياة رتيبة مملة لا روح فيها و لتجرد الناس من كل أساليب المتع الغير محرمة
فاتجه الناس كرد فعل طبيعى للثورة على هذا الإتجاه و الكفر به و الكفر بالعيب و لأنهم لم يجدوا بدلا عنها فى ثقافتهم أو ثقافة مجتمعاتهم المريضة بديلا واضحا من الحلال و الحرام فأصبح كل شىء مباح
فلننظر ما سيكون الحال لو أعطينا للمجتمع بعض الحرية فى إطار الحلال و الحرام فقط
هل ترون معى النتيجة ؟
ستقل نسبة تعاطى المخدرات أولا فى نظرى لأن تعاطى المخدرات ماهى إلا تعبير عن الرغبة فى الهروب من هذه الحياة المملة الموحدة الشكل .. رغبة فى التغيير .. رغبة فى الثورة على المجتمع و عاداته البالية
فتخيل نفسك شابا منطلق تريد الحياة و التجديد لكن أهلك مثلا يفرضون عليك نوعا واحدا من اللبس و شكلا واحدا من تسريحة الشعر كل يوم .. ألن تسعى للحصول على حريتك بطرق غير مشروعة
مثل تعاطى المخدرات أو شرب السجائر أو الزنى إثباتا لنفسك أنك حرا فى تصرفاتك ؟
أما لو وجدت حريتك فى مجتمعك و فى وضح النهار و أمام الناس عن طريق القيام بما تريده من أفعال بسيطة غير محرمة فلن تسعى لمحاولة إثبات حريتك بطرق غير مشروعة مثل التى ذكرتها
لكن أنا ماقلتش اننا هنلغى كل القيد -منعا للخطأ فى الفهم - لكن هنلغى كلمة عيب و نعيد بدلا منها الحلال و الحرام الذان فقدا أهميتهما فى النفوس و حل مكانهما عيب أو مش عيب
مثلا تعود النا س على إقامة سرادق للعزاء و الإتيان بالمقرىء الفلانى أو الفلانى ليقرأ فى العزاء
و من لم يفعل ذلك يبقى عيب جدا و يبقى شايل هم ازاى هيبص للناس بعد كده
أزاى ماعملش فرح ؟! الناس تقول ايه
.. كلمة عيب علمتنا الخوف من الناس أكثر من الخوف من الله
و لأن الناس لا يرونا كل الوقت فأصبحنا نتصرف أمام الناس باحترام و تقوى
أما من وراءهم ... نفعل ما يحلو لنا
تحولنا إلى مجتمع يكون بالنهار مجتمع شيوخ و بالليل مجتمع الغانيات و العاهرات
فنفس الرجل الذى كان نهارا يصلى و يسبح الله أمام الناس هو نفسه الذى يذهب إلى بيوت الدعارة ليلا من وراء الناس
لماذا ؟ لأنه يخاف الناس و لا يخاف الله
لأنننا تربينا على عيييب .. الناس تقول ايه علينا .. لو الناس شافوك بتعمل كده هيقولوا ايه ؟؟!! إلى آخر هذه الأسئلة المعتادة فى حياتنا كل يوم
لذلك أصبحنا نخاف الناس و لا نخاف رب الناس
و هنا أجيب على سؤالى الذى تركته بلا إجابة
ماذا لو ألغينا كلمة عيب و أعدنا بدلا منها حلال و حرام ؟!
سيختفى خوفنا من الناس و يزداد خوفنا من الله الذى يرانا دائما
لأن الناس لا يرونا دائما
أما خوفنا من الله فيجعلنا دائما على خير لأننا نعلم أنه يرانا دائما

ماذا لو ألغينا كلمة عيب التى خنقتنا أزمانا طويلة ؟!
أترك لكم الإجابة بعدما وضحت رأيى
أرجو المشاركة بالرأى
و سوف أعاود الإجابة على السؤال أيضا برأيى بعد أن أترككم تدلون بآرائكم أولا
حتى لا يؤثر رأيى على موضوعيتكم
شكرا

الأحد، 3 أغسطس 2008

العلاقة بين الرجل و المرأة فى الحب


إن العلاقة بين الرجل و المرأة أى كان نوعها قائمة على قانون " الأقطاب المتقابلة تتجاذب " فكلما وضح الفرق بينهما كرجل و امرأة ، كلما كانت قوة العلاقة ، لأن التباين يؤدى لوضوح الرؤية ، فالرجل لن ينظر لرجل مثله و إنما هو يبحث عن المرأة التى يشعر معها برجولته ، التى يكون بجانبها أكثر رجولة ، و أكثر قوة ، و المرأة أيضا مهما كانت فإنها تبجث عن الرجل القوى الذى يشعرها بالأمان و الذى يشعرها بأنوثتها فى آن ، تبحث عن الفارس الذى يحارب من أجلها فإذا وقف عندها نزل عن فرسه و سجد تحت قدميها .. إنها أشبه بقصة عنترة و عبلة ، عنترة الفارس المغوار الذى تخشاه البرارى و هو نفسه المحب الولهان الذى يسجد فى قصر عبلة ، و عبلة الأميرة المطاعة و هى نفسها التى تنسى نفوذها و قوتها و لا تستمد الأمان إلا من حبيبها عنترة .. فكلما شعر الرجل بأنوثتها و شعرت المرأة برجولته زادت قوة الحب ، و عندما تتغير نظرته لها كأنثى ضعيفة و تتغير نظرتها له كرجل قوى .. يقل الحب ...

كل هذا الكلام لن يتقبله إلا الرجال بحق و النساء بحق .. فلن يشعر بذلك و يفهمه إلا من اكتملت مقومات رجولته و ما أقلهم و لن تشعر بذلك إلا من اكتملت مقومات أنوثتها ، و ما أكثرهن...